تتسارع خطى التقدم العلمي والتكنولوجي بشكل كبير ومستمر في القرن الحادي والعشرين، مما يشكل تحديًا صعبًا للكثير من المجتمعات لمواكبة هذا الطوفان العلمي والتكنولوجي الذي لا يتوقف. ولقد عرف عقد التسعينات تحولا تاريخيا في وسائل الإتصال والإعلام. ففي مجال الاتصال بدأ الإنترنت يقود عملية التواصل بين الناس والمؤسسات. وفي مجال الإعلام قادت الفضاء الإعلامي قنوات فضائية متعددة ومتنوعة على طول العالم العربي. ولابد لهذا التحول التاريخي في وسائل الاتصال والإعلام من أثر ايجابي كان أم سلبي على شرائح المجتمع العربي على كل المستويات، خاصة السياسية منها والاجتماعية.
ليس هناك شك من أن لوسائل الإعلام القدرة على تغيير فكرة الناس عن الحياة وعن العالم من حولهم من خلال ما تبثه من برامج ومشاهد. إن ذلك قد يؤدي إلى تغيير مواقفهم تجاه الأشخاص والقضايا، فيتغير، حكمهم عليها وموقفهم منها. فعلى سبيل المثال تطبيع العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء، بأنها أمر طبيعي يمر به كل مراهق ومراهقة وأنها مرتبطة بفترة معينة يمكن أن تنسى مع الزمن.
إن هذه الورقة تهدف إلى التعرف على المسارات الأساسية التي تمكننا من صياغة معايير ثابتة قادرة على قياس مدى تأثر الناس بالقيم والرسائل الإعلامية سواء الإيجابية منها أو السلبية على المجتمعات العربية.
تعريف المصطلحات:
المبادئ: جمع مبدأ، يقول تعالى: ”كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فعلين“. الأنبياء 104. وفي المعجم الوسيط: مبدأ الشيء أوله ومادته التي يتكون منها، كالحروف مبدأ الكلمة. المبدأ أساس الشيء وقاعدته التي يتكون ويتركب منها ويقوم عليها.
القيم: يقول الله تعالى: ”قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين“. الأنعام 161 . يقول ابن كثير ج4/ص175 كلمة قيما تعني دينا ذا قيم. القيم جمع قيمة، وقيمة الشيء قدره. وهي نادرة في معاجم اللغة. القيم أقدار الأشياء التي بها قوامها، أي عمادها ونظامها، ومن ثم كانت كل ماله ثبات ودوام.
الأخلاق: يقول تعالى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”وإنك لعلى خلق عظيم“. القاموس المحيط: الأخلاق هي السجية والطبع والمروءة والدين والخلقة.
لسان العرب: الخلق هو الطبيعة وجمعها أخلاق والخلق السجية، وقيل انه وصف لصورة الإنسان الباطنة.
الإعلام: ويعني الإخبار وتقديم المعلومات، بوجود رسالة إعلامية (أخبار – معلومات – أفكار- آراء) قد تنتقل في اتجاه واحد من مرسل إلى مستقبل، عن طريق وسيلة اتصال ثم التغذية الراجعة.
الإعلام القيمي أو التربوي: كل ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة من رسائل إعلامية ملتزمة، تسعى للقيام بوظائف التربية في المجتمع، من نقل للتراث الثقافي، وغرس لمشاعر الانتماء للوطن، بحيث تتمكن مختلف فئات المجتمع من إدراك المفاهيم، واكتساب المهارات، والتزود بالخبرات، وتنمية الاتجاهات، وتعديل السلوك.
لقد رصدت كثير من الدراسات الأكاديمية والميدانية بعض التغيرات الإيجابية والسلبية في الجانب الأخلاقي والسلوكي ومنظومة القيم التي طالت المجتمعات في العالم العربي.
فقد نظم مركز الجزيرة للدراسات بالاشتراك مع جامعة قطر ندوته الشهرية التاسعة والعشرين في 21/ابريل/2009 عن الفضائيات العربية والتحدي الأخلاقي الذي يواجه الشباب العربي. ولذلك سعت الندوة إلى مناقشة محورين:
أولا: الأسباب الكامنة وراء انتشار ما يسمى “الإعلام الهابط” في العالم العربي، وبحث مخاطر انتشار هذه الظاهرة على جيل الشباب وعلى النظام الاجتماعي وأسسه القيمية والأخلاقية.
ثانيا: مسؤولية المجتمع ومؤسساته في تحصين الأجيال الناشئة، ومواجهة آثار “الإعلام الهابط” سواء على صعيد الأسرة أو المؤسسة التعليمية أو وسائل الإعلام أو شبكات المجتمع المدني.
وتناولت الندوة عدة محاور ركز معظمها على دراسة الأسباب الكامنة وراء انتشار “الإعلام الهابط” في العالم العربي, مع التركيز على مخاطر انتشار هذه الظاهرة على جيل الشباب وعلى النظام الاجتماعي وأسسه القيمية والأخلاقية.
وأشار أستاذ الإعلام بجامعة قطر أشرف جلال إلى أنه في سنة 2008 وصل عدد الفضائيات العربية الحكومية إلى 43 قناة في حين وصلت القنوات العربية الخاصة في نفس السنة إلى 351 قناة، قائلا إن القنوات الحكومية مرشحة للوصول سنة 2015 إلى 67 وإن القنوات الخاصة قد تصل إلى 582 قناة في السنة نفسها.
ومن جهته يشير الباحث بمركز الإرشاد الطلابي بجامعة قطر خالد الخنجي إلى صعوبة مواجهة بث الفضائيات الذي يستهدف عقل المشاهد ويسعى إلى تدمير بعض القيم بشكل غير مباشر.
وخلصت الندوة إلى أن تأثير البث الفضائي العربي على السلوك والأخلاق قضية معقدة ومواجهتها لا تكون بمنع البث وتحريمه بل لا بد من إنشاء جمعيات لحماية المشاهد على غرار جمعيات حماية المستهلك.
وأشارت مذكرة بعنوان: دور وسائل الإعلام العربية في تحقيق مآرب الدعاية الأميركية،
وهي مذكرة سربها موقع ويكيليكس وحملت عنوان “الاتجاهات الأيديولوجية في الصحافة (لإحدى الدول الخليجية)”، أرسلتها السفارة الأميركية في تلك الدولة الخليجية، وأظهرت حجم الاهتمام الذي توليه البعثات الأجنبية للصحافة العربية ومتابعة الشأن الثقافي في أدق تفاصيله.
تحدث في اللقاءات أشخاص -حذفت أسماؤهم وبقيت صفاتهم- عن أهمية الدور الذي تلعبه البرامج والمسلسلات الأميركية المدبلجة التي تبث على قنوات “أم بي سي” في تغيير توجهات وثقافة المجتمع، بطريقة عجزت عنها الدعاية المباشرة التي تنتهجها قناة الحرة وماكينات الدعاية الأميركية.
وبحسب أحد المتحدثين السعوديين، فإن البرامج الأميركية التي تبث على قنوات “أم بي سي” هي الأكثر شعبية بين السعوديين، وفي نظرة على الدورة البرامجية لشهر ديسمبر/كانون الأول تتبين المساحة التي تحتلها هذه البرامج على مدار اليوم.
ومن بين البرامج الأشد تأثيرا أشار الموقع إلى مدى تأثير مسلسلات مثل “ربات بيوت يائسات” (Desperate Housewives) وبرنامج ديفيد لترمان ومسلسل أصدقاء (Friends) التي تبث -مع ترجمة عربية أسفل الشاشة- على أفراد المجتمع في ذلك البلد الخليجي، فلم تعد ترى في أنحاء البلد بدوا ولكن أطفالا باللباس الغربي. وأضاف بأن الحكومة تدعم هذا الاتجاه في مسعى لمواجهة المتطرفين، مؤكدا أن ساحة حرب الأفكار لا تزال محتدمة.
وأكد موقع ويكيليكس أن البرامج الأميركية -في قنوات “أم بي سي” و”روتانا”- حققت تفوقا في اجتذاب المواطن العادي لم تستطع تحقيقه قناة الحرة وكل وسائل الدعاية الأميركية. لقد اتضح هذا التأثير الجارف بالحياة في أمريكا بحيث يتمنى كل فرد في المجتمع الدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، وقد بهروا بالثقافة الأميركية بطريقة لم تحدث من قبل إطلاقا.
وأشار موقع ويكيليكس إن ذلك البلد الخليجي قلق من تعرض الشباب للتوجهات المتطرفة، ولذا فإن قناة العربية تركز في بثها على الفئة العمرية من 14 إلى 18 سنة، ويؤازرها الموقع الإلكتروني للقناة الذي يجتذب نحو مائة ألف زائر. وأكد المتحدث أن المسئولين في “أم بي سي” والعربية يأملون ببرامجهم أن يواجهوا تأثير قناة الجزيرة، ويعززوا “الاعتدال” بين الشباب.
معايير قياس تأثير الإعلام القيمي
لقد بات أمر صياغة معايير خاصة لقياس تأثير برامج القنوات الفضائية على الشرائح المستهدفة أمرا بالغ الأهمية، حيث يتم التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تسببها تلك البرامج. ولكن لا بد من الاعتراف بأن الأدوات التي تستخدم في القياس في عالمنا العربي لا تزال محدودة جدا إذا ما قورنت بما تقوم به مؤسسات القياس والتقويم في العالم الغربي.
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عزي أكاديمي وباحث إعلامي من الجزائر وهو صاحب نظرية “الحتمية القيمية في الإعلام” إن المعرفة الميدانية الخاصة بالسلوك الاتصالي وكيف يقرأ الجمهور مضامين وسائل الإعلام وانعكاس ذلك على البنية الذهنية والسلوك الاجتماعي في المنطقة العربية عامة محدودة لعدة عوامل. أولها ضعف التنظير أو الإطار النظري المتميز، وترتب عن ذلك أن تكون اِلاشكاليات أو الأسئلة التي تطرح في العديد من الكتابات الأولية هشة بالمقارنة. وثانيا، أنه وحتى المحاولات الميدانية فقد انبنت على العينات القصدية لصعوبة اعتماد العينات العشوائية في المنطقة العربية لندرة قواعد البيانات أو غيابها. ونتج عن ذلك التجزؤ والأخطاء المنهجية و”المضاربة” والتسرع في طرح الافتراضات والذي يجعل هذا المجال محل “شك” كما وأن هذه المحاولات لا تسمح بالتعميم في معظم الحالات.
أمثلة في قياس تأثير الإعلام القيمي:
المثال الأول:
تصنيفات نيلسن وأنظمة قياس معدل المشاهدين أو الجمهور Nielsen monitoring system : وضعها نيلسن ميديا ريسيرش، في محاولة لتحديد حجم المشاهدين للبرامج التلفزيونية في الولايات المتحدة.
تأسست نيلسن ميديا ريسيرش على يد آرثر نيلسن، الذي كان محللا للسوق الاعلامي
بدأ حياته المهنية في 1920م مع تحليل الإعلانات التجارية وتوسع في تحليل سوق الراديو خلال 1930م، وبلغت ذروتها في تصنيفات نيلسن من البرامج الإذاعية، والتي كان من المفترض تقديم إحصاءات إلى أسواق البرامج الإذاعية.
وفي عام 1950 ، انتقل إلى التلفزيون نيلسن، وتطوير نظام التقييم باستخدام الأساليب هو وشركته قد وضعت للإذاعة. وقد أصبح هذا الأسلوب منذ المصدر الرئيسي للمعلومات قياس الجمهور في صناعة التلفزيون في جميع أنحاء العالم.
ينقسم نظام نيلسن التلفزيون إلى قسمين :
1.Viewer “اليوميات” التي يشارك فيها الجمهور المستهدف بتسجيل عادات المشاهدة أو الاستماع لوسائل الإعلام المختلفة. من خلال استهداف الشرائح السكانية المختلفة ، وتجميع النماذج الإحصائية.
2. استخدام أجهزة قياس الكترونية صغيرة متصلة بالتلفزيون في المنازل. تقوم هذه الأجهزة بتسجيل عادات المشاهدة للناس في المنزل وتنقل المعلومات كل يوم مساء لمقر شركة نيلسن من خلال خط الهاتف. ويوفر هذا النظام بيانات للباحثين لدراسة عادات مشاهدة التلفزيون دقيقة بدقيقة، وتتبع لحظات تغيير أو إيقاف قنوات التلفزيون.
المثال الثاني:
ذكر د. محمد البلوشي 2005 في دراسة ميدانية حول دور شركات القطاع الخاص في رعاية القيم الاجتماعية السائدة أنه تم تحديد عشرون قيمة من أصل مئة وعشرون قيمة مجتمعية عالمية. وقد كان دور الشريحة المستهدفة هو ترتيب درجة الأولوية للقيم التي يعتقدون أنها الأهم للمجتمع الكويتي. وكانت الشريحة من عملاء شركة زين الكويتيين من عمر 18 سنه فما فوق من الرجال والنساء.حيث تم الاتصال هاتفيا في 11 ألف مشترك من عملاء شركة زين للاتصالات.عدد الإجابات الصالحة 1144.
وقد أسفرت الدراسة عن النتائج التالية:
القيم المتوسط
1 بر الوالدين 9.31
2 المحافظة على القيم المجتمعية المنبثقة من الإسلام 9.04
3 تشجيع الناس على أداء الفرائض 9.03
4 المحافظة على العلاقات الأسرية في المجتمع الكويتي 8.99
5 بناء المستشفيات 8.89
6 تشجيع سائقي السيارات على احترام قوانين المرور 8.78
7 التماسك بين أفراد المجتمع الواحد “الوحدة الوطنية” 8.78
8 المحافظة على السلوك السوي في الأماكن العامة 8.76
9 المشاركة في المحافظة على الثروات الوطنية 8.75
10 التبرع بجزء من أرباح الشركة للأعمال الخيرية 8.64
11 دعم مالي لحملات مكافحة الأمراض الشائعة 8.58
12 استثمار مالي في مشاريع اقتصادية داخل الكويت 8.57
13 دعم الاقتصاد الوطني 8.54
14 تقديم دعم مالي لكافة مجالات التعليم 8.36
15 تشجيع الأنشطة الرياضية للمحافظة على الصحة 8.27
16 تعيين المتفوقين علميا في الشركات 8.23
17 تبني تطبيق معايير البيئة العالمية محليا 7.58
18 تبنى حملات حقوق الانسان في الكويت 7.5
19 تبنى برامج مكافحة التصحر 7.28
20 دعم حقوق المراة السياسية 5.39
المثال الثالث:
أصدر المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة إصداره الأول المعنون بـ”التقرير السنوي حول الحالة الدينية في المغرب 2007/2008″ وهو إصدار بحثي وصفي تركيبي، يركز على دراسة الحالة الدينية في المغرب برصد خصائصها ومكوناتها وما يعترضها من تحديات.
وتطرق هذا التقرير على أهم الدراسات السوسيولوجية الحديثة التي تناولت الحالة الدينية المغربية مثل “التقرير التركيبي للبحث الوطني حول القيم”، و”تقرير الإسلام اليومي”، والتقرير الذي أنجزه المعهد الأميركي (غالوب) بين عامي 2006 و2008.
تابع التقرير
رصد التقرير الحالة الدينية لمجتمع ما على ثلاثة محاور:
1. عقدي ومعرفي ويقصد بها منظومة العقائد والمعارف الدينية.
2. قيمي ويتعلق بمنظومة القيم والأخلاق.
3. سلوكي يرتبط بمنظومة العبادات والمعاملات.
وهذا الرصد ساعد على التركيز على الاتجاهات المعلنة والمصرح بها أو المعبر عنها من خلال سلوكيات ومواقف ومؤشرات تسمح أن تكون محل رصد. وتم عرض وبحث الوقائع الخاصة بالحالة الدينية خلال سنتي 2007 و2008.
• وتم تقسيم ذلك إلى نوعين من التحديات:
– التحديات الداخلية التي تشمل مجالات الأسرة والقيم والشباب والتعليم والفن واللغة.
– التحديات الخارجية كتغيير المذهب، أو الدين من الناحية العقدية، أو التطبيع باعتباره مشروعا حضاريا يستهدف تحييد فعالية منظومة القيم الإسلامية.
وبغية رصد الاتجاهات الدينية، اعتمد التقرير على تسعة مؤشرات هي:
1. مؤشر بناء وارتياد المساجد.
2. صيام رمضان وقد توقف التقرير عند مميزات تدين المغاربة في رمضان، والقيم الإيجابية والسلبية للتدين، ونسب الاستهلاك، والأنشطة الدينية والمدنية والإعلامية.
3. الحج، باعتباره يمثل حدثا استثنائيا في حياة المغاربة بالنظر إلى تراث تاريخي من الارتباط به وإلى تقاليد متجذرة.
4. التعليم الديني ودور القرآن.
5. اللباس وتعبيراته المختلفة وخصوصا ظاهرة الحجاب وعلاقتها بالتوجهات الدينية للمغاربة، وذلك بالاعتماد على رصد أشكال التدين عند الشباب، والمقارنة بين الحجاب باعتباره سلوكا دينيا أو عادة من الواقع الاجتماعي، حيث سجلت الدراسات الحديثة تحوله إلى ظاهرة اجتماعية.
6. القنوات الفضائيات وأثرها في حركية التدين وذلك عبر قراءة في ثقافة الفضائيات العربية والفضائيات الدينية بصفة خاصة، ومداخل تأثيرها وقام التقرير بتصنيف الفضائيات الدينية حسب المذاهب والعقائد.
7. إشكالية الفتوى والتأطير الديني بالمغرب.
8. التراث الإسلامي من خلال عملية مسح لأهم الإصدارات والمخطوطات التي صدرت في فترة ما بين2007 و2008.
9. مؤشر الوقف بوصفه مجالا من مجالات الفعالية الدينية للمجتمع.
المثال الرابع:
أشار هاشم أحمد عبد الرحمن شرف الدين في دراسته حول علاقة التعرض للقنوات الفضائية بالقيم السائدة لدى الشباب اليمني.”دراسة مسحية على طلاب الجامعات اليمنية“-إبريل-2006
أهمية الدراسة:
1. كشفت الدراسة عن مدى تأثير التعرض للقنوات الفضائية على قيم الشباب.
2. قدمت الدراسة تحليلا علميا دقيقا لطبيعة التأثيرات الواقعة على القيم لدى الشباب واتجاهاتها.
3. تم قياس ثلاث أنواع من القيم هي ( الاجتماعية والسياسية والاقتصادية).
4. كما تم قياس تفضيلات العينة للقيم التقليدية أم القيم العصرية.
5. عينة الدراسة
6. تمثل مجتمع البحث بالشباب اليمني من طلاب الجامعات اليمنية، واختير طلاب جامعتي ( صنعاء ) الحكومية، و (اليمنية) الخاصة ذكورا وإناثا، من خلال التطبيق على (400) شاب وشابة من طلابهما، تم اختيارهم بواسطة الاعتماد على العينة العشوائية الطبقية واستخدام أسلوب التوزيع المتساوي فيها.
أهداف الدراسة
1. التعرف على الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية في تغيير القيم لدى الشباب اليمني، وذلك من خلال الأهداف الفرعية التالية:
2. التوصل إلى معرفة دقيقة لطبيعة العلاقة بين مستويات تعرض الشباب (طلاب الجامعات اليمنية) للقنوات الفضائية من جهة، وبين مضمون القيم لديهم من جهة أخرى.
3. . التعرف على التغيرات الطارئة على القيم لدى الشباب، ومدى ارتباط هذه التغيرات بمتغير التعرض للقنوات الفضائية مقارنة بمتغيرات أخرى مثل : العامل السياسي ـ العامل الاقتصادي ـ العادات والتقاليد ـ الأسرة ـ الأصدقاء ـ خطباء المساجد.
4. . التعرف على اتجاه هذا التغيرات من حيث كونها سلبية أو إيجابية، وعلاقة هذا الاتجاه بمتغير التعرض للقنوات الفضائية.
نتائج الدراسة
1- إن غالبية أفراد العينة يتعرضون للقنوات الفضائية، حيث بلغت نسبة من يشاهدونها 86.5 %، في حين كانت نسبة من لا يشاهدونها 13.5 % فقط.
2- إن غالبية أفراد العينة ـ ممن يتعرضون للقنوات الفضائية ـ يشاهدونها يوميا حيث بلغت نسبتهم 75.1 %، ثم حلت فئة المشاهدون أحيانا بنسبة 13.9%، وأخيرا فئة المشاهدون نادرا بنسبة 11.0 %.
3ـ حدث تغير في القيم لدى الشباب اليمني بشكل كبير، حيث كان العدد الإجمالي للقيم العصرية المتبناة من قبلهم يساوي ( 22 ) قيمة عصرية من أصل ( 30 ) قيمة كانت موضع البحث. وحدث التغير القيمي في القيم الاجتماعية بشكل اكبر من القيم السياسية والاقتصادية اللتين تساويا من حيث مقدار التغير.
4ـ وجود ارتباط قوي بين كثافة التعرض للقنوات الفضائية وحدوث تغير قيمي لدى الشباب في القيم ( الاجتماعية والسياسية والاقتصادية )، وحلت في المقدمة القيم الاقتصادية، وتلتها القيم الاجتماعية، وأخيرا القيم السياسية.
5- إن عامل القنوات الفضائية كان اكبر عامل أحدث تغييرا قيميا، أو استقى منه الشباب اليمني قيمهم العصرية الجديدة مقارنة بالعوامل الأخرى، وقد حل عامل الأصدقاء ثانيا، ثم العامل السياسي ثالثا فالعامل الاقتصادي رابعا.
6- إن اتجاه القيم العصرية قد تنوع بين ما هو ايجابي وما هو سلبي.
7 ـ كان اتجاه القيم الاجتماعية العصرية الثمانية ايجابيا وسلبيا بالقدر ذاته، حيث تبنى الشباب ( 4 ) قيم ايجابية، و مثلها سلبية.
المثال الخامس:
وفي دراسة تحليلية لمتصفحي مواقع الانترنت رصد الدكتور مالك الأحمد والأستاذ رأفت صلاح الدين أهم المواقع والتي يتصفحها العرب بصفة عامة وكل دولة على حدة.
المبحث الأول : أهم المواقع التي يتصفحها العرب بصفة عامة .
المبحث الثاني: المواقع التي يتصفحها المصريون .
المبحث الثالث : المواقع التي يتصفحها السعوديون .
المبحث الرابع : المواقع التي يتصفحها الأردنيون .
المبحث الخامس: المواقع التي يتم تصفحها في المغرب .
المبحث السادس: المواقع التي يتم تصفحها في الكويت .
المبحث السابع : الأسباب التي تجعل العرب تتصفح هذه المواقع .
إحصائيات من الدراسة
• ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية بصورة كبيرة، حسب إحصاءات أواخر عام 2009 بلغ عدد المتصفحين العرب أكثر من 55 مليون متصفح، أي نحو 17.3% من تعداد سكان الدول العربية، و2.9% من تعداد المستخدمين في العالم.
• تحتل اللغة العربية المرتبة الثامنة ضمن أكثر لغات العالم استخدامًا للإنترنت .
• بلغت عدد صفحات الإنترنت العربية حوالي 40 مليون صفحة تقريبا، بينما يبلغ عدد الصفحات العالمية 40 مليار صفحة تقريبا .
• كل هذه الأرقام والإحصائيات تبين مدى الزيادة في عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية من العرب، بطريقة كبيرة ويتضح ذلك إذا علمنا أن عدد المستخدمين بلغ في سنة 2007 حوالي 24 مليون مستخدم ، حيث قفز العدد إلى أكثر من الضعف في ثلاث سنوات فقط .
• ومع هذه الزيادة الكبيرة تنوعت الصفحات التي يدخل عليها المتصفح العربي ، وتنوع الغرض من التصفح ، لذا تأتى هذه الدراسة لتقف على اهتمامات المتصفح العربي ، ولتحصي اهتماماته وأهم المواقع التي يفضلها.
أهم نتائج وتوصيات الدراسة:
1- أخذت المواقع الاستهلاكية ( الخدمات والدردشة والترفيه وغيرها …. ) نصيب الأسد من اهتمام المتصفح العربي بصفة عامة ، وكذلك من اهتمام المتصفحين في الدول محل الدراسة .
وهي تعبر عن ثقافة الاستهلاك التي يعيشها العرب ليس في مجال الانترنت فقط، ولكن في كل جوانب حياتهم .
2- فيما كان نصيب المواقع الإسلامية والعلمية “صفر” في اهتمام المتصفح العربي ، في أول خمسين موقع ، فأول موقع إسلامي وصل إلى بؤرة اهتمام المتصفح العربي كان ترتيبه قريب من المائة .
3- أخذت المواقع الإباحية حيزا من اهتمام المتصفح العربي وبلغت شأنا لم تبلغه أي من المواقع الإسلامية أو العلمية، وهذا مؤشر خطير يجعل من الاهتمام بالجنس في حس العربي أعمق من اهتمامه بالدين أو النواحي العلمية .
4- حجزت المواقع النسائية حيزا في اهتمام المتصفحين ، ولكنها من تلك المواقع التي تهتم بالأمور الحياتية الصرفة مثل (الملبس والمأكل و الزينة ) بعيدا عن الاهتمامات العامة أو ذات الشأن.
5- كما أن المدونات حازت على الاهتمام، ولكنها يغلب عليها الطابع الشخصي بعيدا عن الجوانب الفكرية أو الدينية أو الاجتماعية أو السياسية .
6- كل هذه الحقائق توضح مستوى المتصفح العربي المتدني في اهتماماته ومستواه ، وعدم إتقانه للمجالات الهامة ، وخاصة في مجال من أهم مجالات الإنترنت وهو البرمجيات والتصميم ولغات البرمجة، فمستوى المتصفح العربي في إنتاج البرمجيات وتصاميم المواقع ولغات البرمجة ، متدني للغاية لا يكاد يذكر في العالم .
7- لا يمكن إلقاء كل اللوم على المتصفح العربي في عدم اهتمامه بالمواقع الإسلامية، فهي أيضا تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية، فالمستوى الفني لكثير منها ضعيف جدا ، فلا تستطيع أن تجذب المتصفحين، غير المهتمين بالشأن الديني ، وينطبق هذا أيضا على جانب المحتوى والمضمون، لذا يعتبر الاهتمام بتحسين المستوى الفني للمواقع الإسلامية ، واهتمامها بجانب الجذب والتشوق في غاية الأهمية حتى تستطيع جذب المتصفح ويكون لها ترتيب في أول السلسلة من المواقع التي تنال اهتمام المتصفحين.
8- وهذا أيضا ينطبق على المواقع الإسلامية النسائية، فبجانب المستوى الفني الضعيف كذلك جانب الجذب مفتقد تماما فيها ، فموقع مثل “لها أون لاين” مثلا يعتبر من أهم المواقع النسائية ذات الصبغة الإسلامية ، ومع ذلك إذا نظرنا إليه نجد ضعف في التصميم وخاصة في الصفحة الرئيسية حيث تبدو متكدسة تماما وغير مرتبة ، مما تفقد عنصر الجذب للمتصفحات العربيات.
9- أما مشكلة المواقع العلمية فهي قليلة وغير متخصصة، وغالبيتها تتبع الجامعات ، مما يعطيها الصبغة الأكاديمية أكثر ، فبالتالي تكون صعبة التصفح إلا من المتخصصين .
10- هدف الدراسة ليس جلد الذات، ولكن تجلية الحقائق حتى تبذل الجهود من أجل النهوض بالمستوى الديني والأخلاقي والعلمي والثقافي للمتصفحين العرب حتى لا تضيع الجهود دون تحقيق نهضة حقيقية ، يستطيع عن طريقها العرب والمسلمون تقديم مشروعهم الحضاري النهضوي المأمول، المعتمد على الدين والتقدم العلمي .
ملاحظات وتوصيات هامة من أجل تحقيق أكبر قدر من التأثير الإيجابي على الشرائح المستهدفة في الإعلام القيمي الحالي:
الملاحظة الأولى: سوء استخدام نموذج العملية الاتصالية.
الملاحظة الثانية: عدم استخدام مستويات الخطاب الإعلامي.
الملاحظة الثالثة: خلط الشرائح المستهدفة، وعدم تقسيم الشرائح إلى شريحة أساسية وأخرى مساندة.
الملاحظة الرابعة: تجاهل دراسة الشرائح المستهدفة للتعرف على درجة الإيمان بالقيمة من عدمها ودرجة ممارسة السلوك من عدمه.
الملاحظة الخامسة: يجب معرفة الفرق بين السبب والظاهرة.
الملاحظة السادسة: يجب أن يكون أساس اختيار القيم التي يتم اختيارها لنشرها في المجتمعات نابع من دراسات ميدانية وليس رغبات شخصية.
الملاحظة السابعة: عدم الاستعانة بالدراسات الميدانية للتعرف على اتجاهات الشرائح المستهدفة وتفضيلها لوسائل الإعلام والاتصال قبل صياغة الخطة الإعلامية.
الملاحظة الثامنة: نجاح الإعلام القيمي في تحقيق الأهداف المرسومة له وليس بإعجاب الناس بالرسالة.
د. جابر المنيفي