التصنيفات: الحمل والولادة

تاثير وسائل الاعلام على الاطفال .. تلبية الإعلام المرئي و الإلكتروني لحاجات الأطفال

حيثما نعرض للحديث عن الطفل فإننا لا شك نعرض لجانب تربوي نفسي… فكيف إذا كان الحديث عن علاقته بالتلفاز… و الذي تسميه الباحثة المصرية هداية الله الشاش ” ثالث الأبوين”(1)… و لما كان بهذه المكانة عند أطفالنا… و لما كان أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض… فكان لا بد من الاهتمام بهذه الوسيلة أيما اهتمام…

و قبل أن نبدأ الحديث عن مدى تلبية الإعلام المرئي و الإلكتروني لحاجات الأطفال، ينبغي أن نحدد تلك الحاجات، لنقيس عليها ما يقدمه الإعلام.

حاجات الطفل:

يرى وليم جلاسر أن الفرد الإنساني يولد وهو مجهز بخمس حاجات أساسية واحدة منها تنتمي للمخ القديم كما يسميه وهي التي تختص بتداول الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان من حاجة للمأكل والمشرب والتنفس وحاجات الوجود أو الامتداد، أما الحاجات الأربع الأخرى فهي تنتمي للمخ الجديد وهي الحاجة للانتماء والمحبة ، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار، والحاجة للراحة النفسية وإلى الوجود في بيئة تقبل الفرد وتشجعه. (2)

و يختلف علماء النفس و التربية على بعض الحاجات زيادةً أو نقصاً، و لكنها تبقى تدور في فلك ما ذكره جلاسر، لكننا نعدد هنا أهم الحاجات النفسية التي ينبغي أن تتيح الأسرة إشباعها للطفل (3):

  1. الحاجة إلى الانتساب والانتماء:
    إن الطفل بحاجة ماسة إلى الأب والأم لينمو نمواً سوياً، فالانتساب لوالدين أو لأسرة هو حق أساسي للطفل.

“… ومن المتفق عليه بين المشتغلين بعلم النفس أن الأسرة تلعب دورًا بالغ الأهمية في إعداد الفرد وتأهيله للقيام بأدواره ووظائفه داخل النسق الاجتماعي…    وتعتبر الحاجة للانتماء من الحاجات المهمة التي تُشعِر الفرد بأنه جزء من جماعة معينة…، و يُولَد هذا الشعور الاعتزاز والفخر بانتماء الفرد لهذه الجماعة، ويُعَدُّ إشباع حاجات طفل ما قبل المدرسة وتقبله لذاته وشعوره بالرضا والارتياح أولى مؤشرات انتمائه للجماعة.

فالحاجة للانتماء من أهم الحاجات التي يجب أن تحرص الأسرة على إشباعها لدى الطفل لما يترتب عليها من سلوكيات مرغوبة يجب أن يسلكها الطفل منذ صغره وحتى بقية مراحل عمره، أما فقدان الانتماء فيعتبر من أخطر ما يهدِّد حياة أي مجتمع، وينشر الأنانية والسلبية.” (4)

  1. الحاجة إلى الأمن:
    إن الطفل يشعر بخوف غامض يستولي عليه و لا سيما إزاء الغرباء، و فقدان الشعور بالأمان يسبب قلق الطفل و خوفه وعدم استقراره، لذلك يشعر بالحاجة لأن يلجأ إلى حضن أمه، و لكي يكون قرب والديه حتى يشعر بالأمان ويتقي شر المجهول، ومن خلال رعاية الطفل وتغذيته والاهتمام به ومداعبته يشعر بالحماية والأمن تجاه أي مصدر تهديد ويشعر بالأمان على حاضره ومستقبله.
    وما لم تتوافر هذه العوامل في المناخ العائلي يصبح الطفل أكثر عرضة للاضطراب النفسي والسلوكي.

  1. الحاجة إلى الحب والمحبة:
    “…إن الطفل في حاجة إلى الحب والحنان والتعاطف ومتى أشبعت هذه الحاجة فإن الطفل يتوجه نحو طاعة مصدر الإشباع و الحرص عليه والتودد له من خلال احترام و تقبل و تنفيذ النظام الذي يقره هذا المصدر المربي”(5)

فالطفل في حاجة إلى أن يشعر بحب الآخرين له وأن يحب الآخرين، فالحب المتبادل بين الطفل و والديه و إخوته وأقرانه وغيرهم من المحيطين به يمثل حاجة أساسية لصحته النفسية، كما أن الطفل يريد أن يشعر أنه مرغوب فيه، وما لم تشبع هذه الحاجة لدى الطفل يصبح عرضة للاضطراب النفسي وسوء التوافق لأنه محروم عاطفياً.

  1. الحاجة إلى الرعاية الوالدية والتوجيه:
    فالرعاية والتوجيه تكفل للطفل تحقيق مطالب النمو النفسي والجسمي على النحو السليم، ويكون إشباع هذه الحاجة من خلال تعبير الوالدين عن سرورهما بالطفل وتقبله والفخر بدورهما كوالدين.
    إن انشغال الوالدين عن الطفل لا يتيح الفرصة للطفل لتحقيق المستوى الجيد من النمو بأبعاده المختلفة.

  1. الحاجة إلى الاستقلال واحترام الذات:
    إن الطفل يحتاج إلى قدر من الحرية في أداء بعض الأعمال بنفسه دون معونة من الآخرين..، و هنا يأتي دور الأسرة في إتاحة الفرصة للطفل أن يقوم بالأشياء التي تبرز ذاته ويستخدم فيها قدراته استخداماً بناءً، كما يتعين أن يعبر الوالدان عن احترامهما وتقديرهما لإنجازات الطفل.
  2. الحاجة إلى تعلم  المعايير السلوكية:
    إن الطفل يحتاج إلى تعلم المعايير السلوكية نحو الأشياء والأشخاص ويحتاج إلى المساعدة في تعلم حقوقه وواجباته وماله وما عليه وما يفعله وما لا يفعله وكذلك يحتاج إلى معرفة ما يصح وما لا يصح وهو في خلوة أو في جماعة.

  1. الحاجة إلى الإنجاز والتقدير الاجتماعي:
    يحتاج الطفل إلى التحصيل والإنجاز والنجاح، ولذلك نجده يسعى إلى التعرف على البيئة المحيطة عن طريق الاستطلاع والاستكشاف والبحث وراء المعرفة، وعندما يشجع الوالدان طفلهما على ذلك في ضوء:
    توجيهات تربوية.
    2. وتنمية شخصيته.
    3. وغرس روح الشجاعة فيه.
    فإنهما يشبعان فيه الحاجة إلى الاعتراف والقبول والتقدير وهذا يمكنه من القيام بدوره الاجتماعي السليم الذي يتناسب مع سنه.

  1. الحاجة إلى اللعب والمرح:
    إن اللعب ضروري لنمو الطفل جسمياً و نفسياً و عقلياً، و هو وسيلة هامة ليتعرف الطفل على المحيط الاجتماعي، ويبرز دور الأسرة في إشباع حاجة الطفل إلى اللعب من خلال إتاحة الألعاب التي تناسب عمره وجنسه، وتخصيص وقت لمشاركة الطفل ألعابه، وكما تقوم الأسرة بدور التوجيه الهادف بحيث لا يكون اللعب لمجرد اللعب، وإنما يكون بجانب ذلك للتسلية والإمتاع وتنمية ملكات التفكير.

  1. الحاجة إلى الحرية:  وتشمل:
    حرية اللعب والتسلق والجري.
    2. حرية التعبير والكلام.
    3. حرية التفكير.

  1. الحاجة إلى اكتساب المهارة اللغوية: ” يعد اكتساب مهارات اللغة والكلام من الحاجات المهمة؛ حيث تعد اللغة هي الرابط بين النمو العقلي والحسي الحركي، فاللغة بصورتها المنطوقة مظهر من مظاهر النمو العقلي المعرفي و وسيلة من وسائل التخيل والتفكير، ويمكن تنمية هذه الحاجة عن طريق توفير مثيرات لغوية كثيرة ، والإجابة عن أسئلة الطفل واستفساراته فيما يتعلق بالأشياء الموجودة حوله”. (6)

التلفاز… التأثير و الأثر:

” هناك علاقة “جدلية” بين وسائل الإعلام الجماهيرية بالمجتمع الجماهيري، بمعنى أن التأثير ليس له “اتجاه واحد” بل في اتجاهين”، و تختلف النظريات في العلاقة بين وسائل الإعلام- و من بينها التلفاز – و المتلقي، فمنها ما يجعل التلفاز هو الفاعل و يجعل المتلقي سلبياً، و منها ما يجعل المتلقي هو الفاعل و المؤثر، و يسلب التلفاز الدور و الفاعلية.

و لكننا نرى أن لكليهما دور في تشكيل الرسالة الإعلامية و مؤداها…، خصوصاً في عصر تقنيات الاتصال و التواصل( الإنترنت و شريط الرسائل و غيرها…)، إلا أن هذا الدور يكون متفاوتاً تبعاً لأمور مختلفة.

فالتلفاز؛ بقنواته الفضائية ، تزداد فاعليته كلما كان أقوى في استخدام التقنيات الإعلامية، و وسائل الجذب.

أما الجمهور أو المتلقي، فتختلف فاعليته تجاه ما يتلقاه باختلاف الوعي، و العمر، و البيئة المحيطة و الموجهة و غير ذلك.

و حينما يكون الحديث عن الطفل كمتلقٍ، فإننا نتحدث عن متلقٍ خاص، لأن له خصائص تميزه، و لا تجعله كغيره، و لعل من أبرز تلك الخصائص أمران، هما:

  • أنه صفحة بيضاء – خاصة في مراحل عمره الأولى-، فهو لا يزال بصدد تشكيل تصوره عن الحياة و الناس…
  • أنه يميل للمحاكاة و التقليد…

و في دراسات علمية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، لمعدلات مشاهدة الأطفال العرب للتلفزيون، أن الطفل قبل أن يبلغ الـ 18 من عمره يقضي أمام شاشة التلفاز 22 ألف ساعة، مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة في المرحلة نفسها.(7)
مشيرة إلى أنه مع بدء القرن الـ21 زاد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات و 20 دقيقة يومياً، إلى خمس ساعات و 50 دقيقة نتيجة الانتشار الواسع للفضائيات التلفزيونية. (8)

فيما أكدت دراسة بحثت علاقة عمر الطفل بحجم التعلق بوسائل الإعلام دلت نتائج الدراسة أن تعلق الأطفال بوسائل الإعلام بلغ 75% لدى الإناث عند عمر ثلاث سنوات، و 70% لدى الذكور عند عمر خمس سنوات(9) .

و هنا مكمن الأهمية و التأثير، فهناك عينان مشدودتان بكل تركيز و اهتمام  للشاشة، تلتقط منها ما يعرض، بل و تحاكيه واقعاً كان أم خيالاً، فكيف إذا كان ما يشاهده الطفل خالياً من مضمون مفيد؟.. بل كيف إذا كان محشواً بمضمون ضار.. دونما رقابةٍ أو توجيهٍ أو انتقاء؟!!

فقد أكدت دراسة أن ”للعنف المتلفز تأثيرات كثيرة على شخصية الطفل ومستقبله… و أن الطفل المشاهد للتلفاز دون رقابة أو انتقائية يصبح أقل إحساساً بآلام الآخرين ومعاناتهم، وأكثر رهبة وخشية للمجتمع المحيط به و أشد ميلاً إلى ممارسة السلوك العدواني، ويزيد استعداده لارتكاب التصرفات المؤذية”. (10)

ملاحظة هامة:

إننا نفرق هنا بين التأثير و الأثر، فللتلفاز تأثير على أطفالنا و جاذبية لا يمكن إنكارها، إننا نقصد هنا بالتأثير: الفاعلية.

لكن الأثر مترتب على المضمون، و الذي قد يكون أثراً سلبياً و قد يكون إيجابياً.

إنني أنوه هنا إلى هذه الملاحظة لسبب هام فيما أرى، إن الخلط في التعبير ما بين التأثير( الفاعلية) و الأثر( الذي كان سلبياً بحكم استيرادنا لمعظم البرامج من الغرب) جعل عدداً غير قليل من الباحثين و التربويين و غيرهم يميلون للتعميم في تعبيراتهم، فيقولون مثلاً ” للتلفاز تأثير سلبي على أطفالنا”… لاحظ أنهم يتحدثون عن التلفاز و ليس عن برامج بعينها أو بوصفها، إن هذا جعلنا نهمل هذه الآلة ذات التأثير و الفاعلية ردحاً من الزمن، حيث جعلناه مغيباً كأداة فاعلة في الدعوة و التربية، و تعاملنا معه بسلبية، و لم نسعَ سعياً جاداً لتجهيز الكوادر الإعلامية التي تستثمر فاعلية هذه الأداة و تأثيرها لبث القيم الراقية.

مضمون الإعلام المرئي:

في فضاء يعج بالقنوات الفضائية المختلفة كما يشير  تقرير من الاستخبارات الأمريكية (CIA) ” إلى وجود 13 ألف قناة في العالم، منها 7500 قناة مشفرة، و5500 مجانية، وفي العالم العربي 696 قناة تبث من 17 قمر صناعي، يشاهدها أكثر من 150 مليون مشاهد للقنوات المفتوحة، بينما 42 مليون للمشفرة، و بين أنه من ضمن القنوات الموجهة لنا 112 قناة جنسية باللهجات العربية”(11)، من بين كل هذه القنوات يشق على الدارس أن يصف ما تقدمه تلك القنوات إلا بالاستعانة ببعض الدراسات التي تصف المضمون أو الأثر لتلك القنوات و ما تبثه.

ففي دراسةٍ أجراها  مدير الإعلام بالمجلس العربي للطفولة و التنمية الأستاذ عبد المنعم الأشنيهي تناولت أثر البرامج التلفزيونية الموجهة لأطفالنا، قام الأشنيهي في دراسته بتحليل مضمون ما تبثه قناة عربية واحدة من بين القنوات العربية الفضائية والأرضية، تم اختيارها عشوائيًا في ما بثته خلال أسبوع من برامج أطفال مستوردة من الغرب، أكد أنها عرضت أكثر من 300 جريمة قتل، بالإضافة إلى إعلانات تدعو الأسر إلى شراء أشرطة فيديو تتضمن أعمال عنف، و بتحليل ما بثته هذه القناة من أفلام خلال نفس الفترة وجد أن: 30% منها تتناول موضوعات جنسية، و 27% تعالج الجريمة، و 15% تدور حول الحب بمعناه الشهواني،كما أوضحت الدراسة أن تحليل مضمون الرسوم المتحركة المستوردة من الغرب- التي عرضتها نفس القناة الفضائية العربية خلال نفس الفترة- كشف أنها تتضمن عنفًا لفظيًا تكرر 370 مرة بنسبة بلغت 61% و بمعدل نسبي يفوق العنف البدني الذي بلغت نسبته 39% في أحد مسلسلات الرسوم المتحركة (سلاحف النينجا) ، كما تنوعت مظاهر العنف اللفظي حيث ظهر السب و الشتائم بنسبة 49% ، و التهديد بالانتقام بنسبة 23%، و التحريض 14% ، و الاستهزاء و السخرية بالآخرين 12%، و القذف 3%..
فيما تجسد العنف البدني في سبعة مظاهر:يتصدرها الضرب بالأيدي بمعدل نسبي 25%، فإلقاء الأشياء على الآخرين بنسبة 20%، ثم تقييد حركتهم بنسبة 18%،ثم الشروع في القتل بنسبة 17%،ثم خطف الأشخاص بنسبة 9%، فالسرقة بالإكراه بنسبة 7%، وأخيرًا الحبس بمعدل نسبي 3%.(12)

كما أكدت دراسة اجتماعية، بشأن البرامج الموجهة للأطفال العرب في الفضائيات العربية؛ أن ذروة المشاهدة في الفترة المسائية تعرض فيها مشاهد عنيفة بمعدل خمسة مشاهد في الساعة، ”و هذا يعني أن الطفل في عمر 11 عاماً يكون قد شاهد نحو 20 ألف مشهد قتل أو موت، وأكثر من 80 ألف مشهد اعتداء”. (13)

و في دراسة أجريت على مجموعة من قنوات الأطفال العربية تناولت بحث القيم العقدية دلت نتائج الدراسة أن” نسبة العبارات الموافقة بلغت 5 % في جانب الإيمان بالله، و 1 % في جانب الإيمان بالملائكة، و 2 % في جانب الإيمان بالكتب، و 1 % في جانب الإيمان بالرسل، و 1 % في جانب الإيمان باليوم الآخر، و 1 % في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره .

أما نسبة العبارات المخالفة فقد بلغت 61 % في جانب الإيمان بالله، و 7 % في جانب الإيمان بالملائكة، و 7 % في جانب الإيمان بالكتب، و 4% في جانب الإيمان بالرسل، و 3 % في جانب الإيمان باليوم الآخر، و 7 % في جانب الإيمان بالقدر خيره وشره”..!!(14)

الإعلام  الإلكتروني و الطفل:

“على الرغم من سهولة التعامل مع الإنترنت وازدياد نسبة المستخدمين، ما يزال الأطفال دون سن الثانية عشرة بعيدين عن استخدامها لعدة أسباب، منها عامل اللغة الذي يلعب دورًا أساسيًا في تفهم الأطفال لكيفية التعامل مع الإنترنت؛ وإلا فإنهم يتقيدون بالمواقع العربية الآمنة. كما أنه حتى في هذا العمر يمكن للأهل أن يتمكنوا من مراقبة أولادهم، أو حجب الاتصال عن الحاسب المتوفر في المنزل، وبالتالي عدم تمكين الأطفال من الدخول إلى الإنترنت.

ولكن مع التقدم المستمر وسعي الدول مع الأشخاص إلى تأمين هذه الخدمة لكل فرد في المجتمع، سوف يتمكن الأطفال، منذ سن الخامسة، من الدخول إلى الشبكات، سواء في المدارس أو في الـcafé Internet أو في أيِّ مكان للألعاب.

….. و لكي يتمكن الطفل حاليًا من دخول الإنترنت لا بدَّ من توفر حاسب في المنزل ومن وجود اشتراك في الشبكة؛ أي أن الأشخاص المثقفين أو المنتمين إلى الطبقة الوسطى فما فوق يمكن أن تتوفر لأطفالهم هذه الخدمة، وبالتالي ينعكس تأثيرها على نسبة 10% من المجتمع كحدٍّ أقصى، ابتداءً من سن الثانية عشرة. لكننا نعود ونؤكد أن هذه النسبة سوف تتزايد تزايدًا سريعًا وملحوظًا خلال السنين القادمة.” (15)

إن المدخل الأساسي للأولاد هو الألعاب بشكل عام، و هذايفتح بحثاً كبيراً أمام ما تقدمه هذه الألعاب لأطفالنا، كما أن أطفالنا اليوم لم يتوقفوا عند اللعب، بل باتت تستهويهم شبكات التواصل الاجتماعي.

لن أستفيض كثيراً في طرح هذا الموضوع ، فكثير مما فيه منطبق على ما أوردناه عن التلفاز، لأننا لا نزال مستوردين، نستنورد التقنية و محتواها بغثها و سمينها، لكننا لا نريد أن نقف خائفين و نغلق الأبواب أمام هذه التقنيات سداً لما قد يأتي منها من أضرار، بل أن نحسن التفاعل معها و استثمارها و الاستفادة من قوة تأثيرها و فاعليتها في الوصول إلى عقول و قلوب أبنائنا.

تلبية الإعلام المرئي و الإلكتروني لحاجة الطفل:

إننا و بعد استعراض هذه الدراسات و الإحصاءات لمحتويات الإعلام المرئي و الإلكتروني، و التي يقوم معظمها على ماهو مستورد من الغرب بكل ما فيه من قيم، نرى أن الشتائم و القتل و الجريمة و السرقة و الجنس و الحب بمعناه الشهواني، و الضرب، و الاعتداء و غيرها مما ورد في الدراسة لا تمثل أي تلبيةٍ لحاجة الطفل، و لا تلبي فطرته، و لا حاجته للمعرفة، و لا تحقق له الأمن و الاستقرار النفسي بل إنها تقوم على عكس ذلك حيث تشير دراسة أجريت على عدد من قنوات الأطفال العربية حول أثر محتوى الرسوم المتحركة على نفسية الطفل أن” أعلى تأثير نفسي على الإناث كان عند تخيل الجن والشياطين حيث بلغت نسبته 56 % بينما أعلى نسبة لدى الذكور كانت عند تخيل وجود شرور في الفضاء وذلك بنسبة  53 %” . (16)

إلا أن الإعلام بكل ما استعرضناه من واقعه و أرقامه، يلبي عند أطفالنا حاجة مهمة، إنه يلبي لهم المتعة و التسلية…

و تلبيته لهذه الحاجة يجعل أطفالنا منساقين وراءه، منشدين نحوه، خصوصاً في حال عدم توفر الموازي في المتعة، الراقي في المضمون ..

إننا لا ننكر أن في هذا الإعلام ما هو مفيد و نافع، لكن الغالب الأعم في ما يعرض هو ضمن الصورة التي رسمتها الدراسات سابقة الذكر للأسف…، و هذا يجعل حال تلك القنوات كمن يدس السم في الدسم، فكيف إذا غلب السم..؟!!

تجربتنا.. طيور الجنة…عالمنا:

تلبيةً لحاجات الطفل، و انطلاقاً من حاجتنا لغرس القيم و الإيمان فيه من صغره، جاءت فكرة قناة طيور الجنة ، لتستثمر فاعلية هذه الشاشة الصغيرة، و العيون المشدودة تلقاءها، لتكون خلال فترة صغيرة في مقدمة قوائم قنوات الأطفال العربية، و قد كان من فضل الله علينا أن صاحبنا توفيقه في كل خطوة مشيناها في هذا المشروع.

لقد قامت قناة طيور الجنة على ركائز عدة، لعلها كانت سبباً في ذلك الانتشار و القبول الواسع لها:

  1. الجو العائلي: فهي تقدم للطفل عالماً كعالمه،طفلاً مثله… عائلة..الأب و الأم و الإخوة و الأخوات،…الأصدقاء، العلاقات الاجتماعية.. الأقارب .. الزيارات..

  1. العفوية و التلقائية: فهي تقدم نجومها و أفكارها على طبيعتهم و بعفويتهم، ليكونوا أكثر قرباً و التصاقاً بالمشاهدين.

  1. الركيزة القيمية: فهي متوافقة مع فطرة الطفل، و تطرح القيم و تعزز المبادئ التي قد يراها في البيت و يفتقدها في أماكن أخرى خارجه.

  1. تلبية حاجات الطفل من خلال أمور عدة، مثل:
  • الإجابة عن تساؤلات في ذهنه، مثل بعض الأسئلة المتعلقة بالعقيدة( الله، الرسول صلى الله عليه و سلم، اليوم الآخر…)
  • توفير جو الاستقرار النفسي، و ذلك من خلال توضيح علاقته بالناس من حوله( العائلة..الأصدقاء …الجيران)، و خاصة فيما يتعلق بعلاقته مع العائلة، و كيف تبادله العائلة الحب كما يبادلها هو الحب، لأن الطفل يتمثل نفسه في الشخصية التي يراها أمامه على الشاشة.
  • توفير بيئة تقبل الطفل و تمنحه الاهتمام و التقدير: فهي قناة خاصة به، هي عالمه..، و هي أيضاً من خلال تعزيز و امتداح كل قيمة إيجابية، تمنح الطفل التقدير بشكل غير مباشر على صفاته الإيجابية.
  • تطوير مهارته اللغوية، و زيادة ثروته اللغوية و مهاراته، بما يتيح له التعبير عن نفسه أكثر.
  • التوجيه: فهي ترشده للقيم و التصرف الأفضل بطريقة غير مباشرة، محببة إلى نفسه، و تظهر له الأثر الإيجابي لتلك التصرفات..
  1. المتعة و التسلية: و لعل هذه الركيزة من أهم الركائز التي قامت عليها القناة، فهي حاجة عند الكبير و الصغير، و إن تحقيق الفائدة بعيداً عن المتعة، لا يمكن أن يكون في قناة موجهة للأطفال.

و لعل مما نحتاجه كأصحاب قيم في طرحنا الإعلامي، أن نري المشاهدين أن صاحب القيم..الصادق.. الكريم.. الأمين..الخلوق.. هو إنسان سعيد في حياته ..يضحك.. و يمزح.. و يستمتع دون أن يفرط في قيمه…

  1. الجاذبية: و هذه ركيزة تقوم على طبيعة المشاهد المستهدف، و هو الطفل، و على الإبداع و تقديم ما هو جديد كقناة تلفزيونية..

فقد استثمرت القناة كون الطفل يميل لللحن الجميل و الأغنية و الإيقاع؛ ليكون أساس ما تقدمه القناة ترافقه الصورة و الحركة من أطفال حقيقيين يشبهونه- لا رسوم متحركة- ليكون تفاعله مع المضمون أقوى و أكثر..

كما استثمرت القناة الكوادر الشابة لتبدع و تقدم ما هو جديد، على الرغم من عدم خبرتهم الطويلة، لكن شغفهم بهذا المجال، و قربهم من التقنية جعل ذلك نقطة تضاف لصالح القناة..

…. و ها نحن اليوم  و قد أطلقنا طيور الجنة2 ، نسعى لتغطية ما يتكشف لنا من حاجات نراها ملحة في النهوض بأطفالنا و تنميتهم، مستنيرين بهدي الله كما بدأنا، مستلهمين من التجربة و نصح المحبين ما يرقى بنا و بقناتنا….و الله ولي التوفيق

خالد مقداد

——————-

الهوامش:

(1)  موسوعة التربية العملية للطفل  – هداية الله الشاش.

(2)    كتاب في بيتنا مكار-  د.إبراهيم الخليفي.

(3)  مقال دور الأسرة في إشباع حاجات الطفل – فاطمة الزهراني.

(4) بحث بعنوان” الانتماء” – د. صابر أحمد عبد الباقي.

(5)  كتاب سيكولوجية الأسرة والوالدية – د. إبراهيم الخليفي/ أ.د. بشير الرشيدي

(6) خطأ! مرجع الارتباط التشعبي غير صالح. عبد العزيز إبراهيم سليم

(7) دراسة عن أثر الفضائيات على سلوك الطفل- د.عبد الكريم الموازيني

(8) دراسة عن أثر الفضائيات على سلوك الطفل- د.عبد الكريم الموازيني

(9) دراسة”أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال”- د. هدى بنت محمد الغفيص.

(10) دراسة اجتماعية، أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة فى الأردن بشأن البرامج الموجهة للأطفال العرب في الفضائيات العربية- نفذتها الباحثتان في وحدة الطفولة التابعة للمجلس: أماني تفاحة، و لارا حسين.

(11) محاضرة “الإعلان والتعليم تعاون أم تنافر” –  د. فهد بن عبد العزيز السنيدي

(12) دراسة” أثر البرامج التلفزيونية”- أ.عبد المنعم الأشنيهي

(13) دراسة اجتماعية، أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة فى الأردن بشأن البرامج الموجهة للأطفال العرب في الفضائيات العربية- نفذتها الباحثتان في وحدة الطفولة التابعة للمجلس: أماني تفاحة، و لارا حسين.

(14) دراسة”أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال”- د. هدى بنت محمد الغفيص.

(15)  مركز الدراسات أمان.

(16) دراسة”أثر الرسوم المتحركة على القيم العقدية للأطفال”- د. هدى بنت محمد الغفيص.

Share
admin

آحدث المواضيع

اضرار دواء تجريتول

اضرار دواء تجريتول     تجريتول هو دواء يستخدم لعلاج الصرع. يساعد في الوقاية من أنواع معينة من النوبات. كما أنه…

3 سنوات ago

كيف تعد حقيبة تدريبية ناجحة ؟

يبحث الجميع في مجال التدريب عن حقيبة تدريبية ناجحة تسهل إيصال البرنامج المعد للمتدربين ،وهي حقيبة تدريبية تضمن في نفس…

3 سنوات ago

أحبار طابعات اتش بيhp

أحبار طابعات اتش بيhp ذات الجودة العالية ستحصل على صور عالية الجودة كالفوتوغرافية، ومستندات بأحبار مقاومة للبهتان؛ لأن كل ما…

3 سنوات ago

أراضي مميزة في مخطط جوهرة العروس

هل تبحث عن فرصة للحصول على أرض مميزة تصلح للاستثمار الآمن أو السكن المتميز؟ يقدم لك مكتب المهم لعقارات جدة…

3 سنوات ago

اراضي في جوهرة العروس

مخطط جوهرة العروس المعتمد ضمن مخططات شمال مدينة جدة يوفر لكم عبر مكتب المهم للعقار فرصة امتلاك أراضي مميزة بالمخطط،…

3 سنوات ago

طريقة توثيق المصادر والمراجع APA

طريقة توثيق المصادر والمراجع APA إن من أهم الشروط التي يجب الالتزام بها عند عمل أي بحث علمي هو توثيق…

3 سنوات ago