مَوَالِي آلِ الْبَيْتِ وَالصَّدَقَاتُ
11 – قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ مَوَالِيَ آلِ النَّبِيِّ وَهُمْ مَنْ أَعْتَقَهُمْ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ، حَسَبَ الْخِلاَفِ السَّابِقِ، لاَ يُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ، مُسْتَدِلِّينَ بِمَا رَوَى أَبُو رَافِعٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ رَجُلاً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لأَِبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا. فَقَالَ: لاَ، حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ فَأَسْأَلَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنَّا لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ»([1]) وَلأَِنَّهُمْ مِمَّنْ يَرِثُهُمْ بَنُو هَاشِمٍ بِالتَّعْصِيبِ، فَلَمْ يَجُزْ دَفْعُ الصَّدَقَةِ إِلَيْهِمْ كَبَنِي هَاشِمٍ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَرَابَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «الْوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ»([2]) وَثَبَتَ لَهُمْ حُكْمُ
الْقَرَابَةِ مِنَ الإِْرْثِ وَالْعَقْلِ([3]) وَالنَّفَقَةِ، فَلاَ يَمْتَنِعُ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ. وَإِذَا حَرُمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى مَوَالِي الآْلِ، فَأَرِقَّاؤُهُمْ وَمُكَاتَبُوهُمْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ؛ لأَِنَّ تَمْلِيكَ الرَّقِيقِ يَقَعُ لِمَوْلاَهُ، بِخِلاَفِ الْعَتِيقِ([4]).
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُ دَفْعِ الصَّدَقَةِ لِمَوَالِي آلِ الْبَيْتِ؛ لأَِنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَرَابَةِ النَّبِيِّ فَلَمْ يُمْنَعُوا الصَّدَقَةَ، كَسَائِرِ النَّاسِ، وَلأَِنَّهُمْ لَمْ يُعَوَّضُوا عَنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ، فَإِنَّهُمْ لاَ يُعْطَوْنَ مِنْهُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْرَمُوهَا، كَسَائِرِ النَّاسِ([5]).
دَفْعُ الْهَاشِمِيِّ زَكَاتَهُ لِهَاشِمِيٍّ:
12 – يَرَى أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْهَاشِمِيِّ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إِلَى هَاشِمِيٍّ مِثْلِهِ، قَائِلِينَ: إِنَّ قَوْلَهُ / & «يَا بَنِي هَاشِمٍ، إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ أَيْدِي النَّاسِ وَأَوْسَاخَهُمْ، وَعَوَّضَكُمْ مِنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ»([6]) لاَ يَنْفِيهِ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ «النَّاسِ» غَيْرُهُمْ لأَِنَّهُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِالْخِطَابِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّعْوِيضُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ عَنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ لاَ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ عِوَضًا عَنْ صَدَقَاتِ أَنْفُسِهِمْ([7]).
وَلَمْ نَهْتَدِ إِلَى حُكْمِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ.
عِمَالَةُ الْهَاشِمِيِّ عَلَى الصَّدَقَةِ بِأَجْرٍ مِنْهَا:
13 – قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِلْهَاشِمِيِّ أَنْ يَكُونَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَاتِ بِأَجْرٍ مِنْهَا، تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ، وَلِمَا رَوَى «عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالاَ: لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلاَمَيْنِ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَمَّرَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ، فَأَصَابَا مِنْهَا كَمَا يُصِيبُ النَّاسُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: لاَ تُرْسِلُوهُمَا. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ وَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ، وَجِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ كَمَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبُ كَمَا يُصِيبُونَ. قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلاً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآِلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ»([8]).
وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَخْذَ الْهَاشِمِيِّ الْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا لاَ حَرَامٌ([9]).
وَجَوَّزَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الْحَمَّالُ وَالْكَيَّالُ وَالْوَزَّانُ وَالْحَافِظُ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا([10]).
وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِلآْلِ الأَْخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ عِمَالَةً، لأَِنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ أَجْرٌ، فَجَازَ لَهُمْ
أَخْذُهُ، كَالْحَمَّالِ وَصَاحِبِ الْمَخْزَنِ إِذَا آجَرَهُمْ مَخْزَنَهُ([11]).
الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ
الْغَنِيمَةُ وَالْفَيْءُ وَحَقُّ آلِ الْبَيْتِ
تَعْرِيفُ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ عَلَى أَقْوَالٍ، تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ: «أَنْفَالٌ» «وَغَنِيمَةٌ» «وَفَيْءٌ».
حَقُّ آلِ الْبَيْتِ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ:
14 – لاَ خِلاَفَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ فِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُقَسَّمُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ: أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلْغَانِمِينَ، وَالْخَامِسُ لِمَنْ ذُكِرُوا فِي L ‘: , وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ- الآْيَةَ([12]). لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَصْرِفِ الْخُمُسِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ / &، فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: إِنَّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ الْخَامِسَ يُقَسَّمُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ.
الأَْوَّلُ: سَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ لِلآْيَةِ، وَلاَ يَسْقُطُ بِوَفَاتِهِ، بَلْ يُصْرَفُ بَعْدَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ وَالْمَسَاجِدِ.
وَالثَّانِي: سَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ، لاِقْتِصَارِهِ عَلَى بَنِي الأَْوَّلِينَ مَعَ
سُؤَالِ بَنِي الآْخَرِينَ، وَلأَِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ لاَ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ.
وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الأُْنْثَى، كَالإِْرْثِ. وَحَكَى الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِيهِ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ.
وَالأَْسْهُمُ الثَّلاَثَةُ الْبَاقِيَةُ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ([13]).
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ اسْتَحَقَّهُ بِحُصُولِ النُّصْرَةِ، فَيَكُونُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي النُّصْرَةِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ.
وَالْفَيْءُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، يُخَمَّسُ، وَمَصْرِفُ الْخُمُسِ مِنْهُ كَمَصْرِفِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ.
وَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يُخَمَّسُ، وَيَكُونُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ([14]).
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْخُمُسَ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ إِلَخْ، يُقَسَّمُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لأَِبْنَاءِ السَّبِيلِ. وَيَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ، يُعْطَوْنَ كِفَايَتَهُمْ، وَلاَ يُدْفَعُ إِلَى أَغْنِيَائِهِمْ شَيْءٌ.
وَذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ يُدْفَعُ إِلَى فُقَرَائِهِمْ هُمْ بَنُو
هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَالْفَيْءُ لاَ يُخَمَّسُ عِنْدَهُمْ([15]).
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ كُلِّهَا وَالرِّكَازِ وَالْفَيْءِ وَالْجِزْيَةِ وَخَرَاجِ الأَْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، مَحَلُّهُ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، يَصْرِفُهُ الإِْمَامُ فِي مَصَارِفِهِ بِاجْتِهَادِهِ، فَيَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِآلِ النَّبِيِّ / & اسْتِحْبَابًا، ثُمَّ يَصْرِفُ لِلْمَصَالِحِ الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ. وَالْفَيْءُ لاَ يُخَمَّسُ عِنْدَهُمْ([16]). وَالآْلُ الَّذِينَ يَبْدَأُ بِهِمْ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ([17]).
الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ
الصَّلاَةُ عَلَى آلِ النَّبِيِّ
15 – الْفُقَهَاءُ فِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ الأَْنْبِيَاءِ وَالْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ تَبَعًا، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الصَّلاَةِ عَلَى الآْلِ تَبَعًا.
فَأَحَدُ رَأْيَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ الصَّلاَةَ عَلَى الآْلِ فِي الصَّلاَةِ وَاجِبَةٌ، تَبَعًا لِلصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ»([18]). فَقَدْ أَمَرَ الرَّسُولُ
بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ([19]).
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى فِي الْمَذْهَبَيْنِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ ثُمَّ قَالَ: إِذَا قُلْتَ هَذَا – أَوْ: قَضَيْتَ هَذَا – فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُكَ» وَفِي لَفْظٍ: «فَقَدْ قَضَيْتَ صَلاَتَكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ»([20])
وَالرَّأْيُ الآْخَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ وَالآْلِ تَبَعًا، فَضِيلَةٌ([21]).
آلُ الْبَيْتِ وَالإِْمَامَةُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى:
16 – لَمْ يَشْتَرِطْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَكُونَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ (الْخَلِيفَةُ) مِنْ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ . وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، بَلْ كَانُوا مِنْ قُرَيْشٍ([22]).
وَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ شَرَفِ النَّسَبِ أَنَّهُ فِي الإِْمَامَةِ الصُّغْرَى إِنْ اسْتَوَوْا هُمْ وَغَيْرُهُمْ فِي الصِّفَاتِ قُدِّمُوا بِاعْتِبَارِهِمْ أَشْرَفَ نَسَبًا([23]).
حُكْمُ سَبِّ آلِ الْبَيْتِ:
17 – أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ مَنْ شَتَمَ أَحَدًا مِنْ آلِهِ مِثْلَ مُشَاتَمَةِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ ضَرْبًا شَدِيدًا وَيُنَكَّلُ بِهِ، وَلاَ يَصِيرُ كَافِرًا بِالشَّتْمِ([24]).
الاِنْتِسَابُ إِلَى آلِ الْبَيْتِ كَذِبًا:
18 – مَنْ انْتَسَبَ كَاذِبًا إِلَى آلِ النَّبِيِّ يُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَيُحْبَسُ طَوِيلاً حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ؛ لأَِنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ ([25]).
آلَة
التَّعْرِيفُ:
1 – الآْلَةُ مَا اعْتَمَلْتَ بِهِ مِنْ أَدَاةٍ، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ([26]).
أَوَّلاً: الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لاِسْتِعْمَالِ الآْلاَتِ:
2 – الأَْصْلُ فِي الآْلاَتِ وَالأَْدَوَاتِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الإِْنْسَانُ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُبَاحٌ. وَيَعْرِضُ لَهَا الْحَظْرُ أَوِ الْكَرَاهِيَةُ بِاعْتِبَارَاتٍ، مِنْهَا:
أ – الْمَادَّةُ الْمَصْنُوعَةُ مِنْهَا الآْلَةُ: فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مَطْلِيَّةً بِأَحَدِهِمَا كُرِهَ أَوْ حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهَا؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالأَْكْلِ فِي صِحَافِهِمَا. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مَبَاحِثِ الآْنِيَةِ([27]).
ب – الْغَرَضُ الَّذِي تُسْتَعْمَلُ لَهُ كَبَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ،([28]) أَوْ لِلْكُفَّارِ، أَوْ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْحَرَامِ، وَكَبَيْعِ آلاَتِ اللَّهْوِ.
ج – مَا تَخْتَصُّ بِهِ الآْلَةُ مِنْ أَثَرٍ قَدْ يَكُونُ شَدِيدَ الإِْيلاَمِ أَوْ شَدِيدَ الْخُطُورَةِ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى مُحَرَّمٍ، فَيُمْنَعُ اسْتِعْمَالُهَا، أَوْ يُكْرَهُ، كَالسُّمِّ فِي الصَّيْدِ أَوِ الْجِهَادِ، وَكَالآْلَةِ الْكَالَّةِ لاَ تُسْتَعْمَلُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوِ الْقَطْعِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ، وَكَالْمُزَفَّتِ وَالْجِرَارِ يَمْنَعُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَالَهَا فِي الاِنْتِبَاذِ لِئَلاَّ يُسَارِعَ إِلَيْهَا التَّخَمُّرُ.
د – التَّكْرِيمُ: كَمَنْعِ بَيْعِ آلَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ لِلْكَافِرِ([29]).
وَيُفَصِّلُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ كُلِّ آلَةٍ بِحَسَبِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ فِي الاِسْتِعْمَالِ الْفِقْهِيِّ، فَآلَةُ الذَّبْحِ فِي مَبَاحِثِ الذَّبْحِ، وَآلَةُ الْقِصَاصِ فِي مَبَاحِثِ الْجِنَايَاتِ. وَتَفْصِيلُ بَعْضِ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
آلاَتُ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ:
3 – آلاَتُ اللَّهْوِ كَالطَّبْلِ وَالْمِزْمَارِ وَالْعُودِ، وَآلاَتُ بَعْضِ الأَْلْعَابِ كَالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ، مُحَرَّمَةُ الاِسْتِعْمَالِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. وَيُبَاحُ الطَّبْلُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ كَالْعُرْسِ وَطَبْلِ الْغُزَاةِ.
وَفِي هَذِهِ الأَْحْكَامِ خِلاَفٌ وَتَفَاصِيلُ يَذْكُرُهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَبَاحِثِ الْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحُدُودِ وَالْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ([30]).
آلَةُ الذَّبْحِ وَآلَةُ الصَّيْدِ:
4 – اعْتَبَرَ الشَّرْعُ فِي آلَةِ الذَّبْحِ وَآلَةِ الصَّيْدِ أَنْ تَكُونَ مُحَدَّدَةً، تَنْهَرُ الدَّمَ وَتَفْرِي، وَأَلاَّ تَكُونَ سِنًّا وَلاَ ظُفُرًا، فَلاَ يَحِلُّ مَا ذُبِحَ بِهِمَا أَوْ صِيدَ بِهِمَا. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ السِّنِّ وَالظُّفُرِ الْقَائِمَيْنِ فَمَنَعَ الذَّبْحَ بِهِمَا، بِخِلاَفِ الْمَنْزُوعَيْنِ. وَلاَ يَحِلُّ مَا أُزْهِقَتْ نَفْسُهُ بِمُثْقِلٍ كَالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ. وَيَنْبَغِي تَعَاهُدُ الآْلَةِ لِتَكُونَ مُحَدَّدَةً فَتُرِيحُ الذَّبِيحَةَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَصِيدُ بِهِ حَيَوَانًا كَالْكَلْبِ وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهِمَا اعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا. وَمَعْنَى التَّعْلِيمِ فِي الْجَارِحَةِ أَنْ تَصِيرَ بِحَيْثُ إِذَا أُرْسِلَتْ أَطَاعَتْ، وَإِذَا
زُجِرَتِ انْزَجَرَتْ، وَقِيلَ بِأَنْ تَتْرُكَ الأَْكْلَ مِنَ الصَّيْدِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ تَفْصِيلَ ذَلِكَ وَالْخِلاَفُ فِيهِ فِي مَبَاحِثِ الصَّيْدِ وَمَبَاحِثِ الذَّبْحِ([31]).
آلاَتُ الْجِهَادِ:
5 – يَجِبُ إِعْدَادُ الْعُدَّةِ لِلْجِهَادِ، وَتَجُوزُ مُقَاتَلَةُ الْعَدُوِّ بِالسِّلاَحِ الْمُنَاسِبِ لِكُلِّ عَصْرٍ، وَفِي تَحْرِيقِهِمْ بِالنَّارِ وَتَغْرِيقِهِمْ وَاسْتِعْمَالِ السَّمُومِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي مَبَاحِثِ الْجِهَادِ. وَيَجُوزُ إِتْلاَفُ آلاَتِ الْعَدُوِّ فِي حَالِ الْقِتَالِ، عَلَى تَفْصِيلٍ لِلْفُقَهَاءِ فِي مَبَاحِثِ الْجِهَادِ([32]).
آلاَتُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ:
6 – يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَا الْجِنَايَةُ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لاَ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ.
وَلاَ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِآلَةٍ يُخْشَى مِنْهَا الزِّيَادَةُ.
وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ.
وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ إِلَى مَبَاحِثِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ السَّرِقَةِ([33]).
آلاَتُ الْجَلْدِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ:
7 – الْجَلْدُ فِي الْحُدُودِ يَكُونُ بِالسَّوْطِ. عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي حَدِّ الشُّرْبِ الضَّرْبُ بِالأَْيْدِي أَوِ النِّعَالِ أَوْ أَطْرَافِ الثِّيَابِ.
وَيُسْتَعْمَلُ السَّوْطُ فِي إِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى الْبِكْرِ. وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ. وَيُجْزِي مِنْهُ اسْتِعْمَالُ عُثْكَالٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فِي إِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى الْبِكْرِ، إِنْ كَانَ لاَ يَحْتَمِلُ الْجَلْدَ لِمَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ.
وَيُلاَحَظُ أَلاَّ يَكُونَ السَّوْطُ مِمَّا يُتْلِفُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ يَكُونُ لَهُ ثَمَرَةٌ – يَعْنِي: عُقْدَةً فِي طَرَفِهِ – وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْخَلِقِ.
أَمَّا الْجَلْدُ فِي التَّعْزِيرِ فَقَدْ يَكُونُ بِالسَّوْطِ، أَوْ بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يَرَاهُ وَلِيُّ الأَْمْرِ.
وَفِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ هُنَا تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي مَسَائِلِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ([34]).
ثَانِيًا: آلاَتُ الْعَمَلِ وَزَكَاتُهَا:
8 – لاَ زَكَاةَ فِي آلاَتِ الْعَمَلِ لِلْمُحْتَرِفِينَ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لاَ تُسْتَهْلَكُ عَيْنُهُ كَالْمِنْشَارِ وَالْقَدُّومِ، أَوْ مِمَّا تُسْتَهْلَكُ،([35]) إِلاَّ أَنَّ الآْلاَتِ الَّتِي تُشْتَرَى فَتُسْتَعْمَلُ
فِيمَا يُبَاعُ، كَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِينَ، إِنْ كَانَ مِنْ غَرَضِ الْمُشْتَرِي بَيْعُهَا بِهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَ الْحَوْلِ.
وَآلاَتُ الْعَمَلِ لِلْمُحْتَرِفِينَ، الَّتِي هُمْ بِحَاجَةٍ إِلَيْهَا، لاَ تُبَاعُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ الإِْفْلاَسِ([36]).
وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَقِيرًا لاَ يَمْلِكُ آلاَتِ عَمَلِهِ، وَلاَ مَا يَشْتَرِيهَا بِهِ، يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَشْتَرِيهَا بِهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ لِلْفُقَهَاءِ فِي مَبَاحِثِ الزَّكَاةِ وَالإِْفْلاَسِ([37]).
ثَالِثًا: آلَةُ الْعُدْوَانِ وَأَثَرُهَا فِي تَحْدِيدِ نَوْعِ الْجِنَايَةِ:
9 – جِنَايَةُ الْقَتْلِ لاَ يَجِبُ بِهَا الْقِصَاصُ إِلاَّ إِنْ كَانَتْ مُتَعَمَّدَةً، وَلَمَّا كَانَ تَعَمُّدُ الْقَتْلِ أَمْرًا خَفِيًّا يُنْظَرُ إِلَى الآْلَةِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِمُحَدَّدٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ، بَلْ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ إِذَا تَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِهِ، وَلاَ قِصَاصَ فِيهِ.
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُوَافِقُوا أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ يَثْبُتُ الْعَمْدُ عِنْدَهُمْ فِي الْقَتْلِ بِمَا عَدَا الْمُحَدَّدِ، عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي الضَّوَابِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ، يُذْكَرُ فِي مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ وَالْقِصَاصِ([38]).
آمَّة
التَّعْرِيفُ:
1 – الآْمَّةُ لُغَةً: شَجَّةٌ تَبْلُغُ أُمَّ الرَّأْسِ،([39]) وَهِيَ جِلْدَةٌ تَجْمَعُ الدِّمَاغَ. وَشَجَّةٌ آمَّةٌ وَمَأْمُومَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَاسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ اللَّفْظَيْنِ بِنَفْسِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ([40]).
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 – هُنَاكَ أَلْفَاظٌ وَرَدَتْ فِي شَجِّ الرَّأْسِ، كَالْمُوضِحَةِ وَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالدَّامِغَةِ إِلاَّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمَهَا الْخَاصَّ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 – أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ فِي الآْمَّةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ([41]).
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 – يُفَصِّلُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الآْمَّةِ فِي مَبَاحِثِ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَفِي مَبَاحِثِ الدِّيَاتِ. كَمَا فَصَّلُوا فِي مَبَاحِثِ الصَّوْمِ مَسْأَلَةَ الْفِطْرِ بِوُصُولِ شَيْءٍ إِلَى الآْمَّةِ.
آمِينَ
مَعْنَاهُ، وَاللُّغَاتُ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ:
1 – جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ آمِينَ فِي الدُّعَاءِ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَتَقُولُ: أَمَّنْتُ عَلَى الدُّعَاءِ تَأْمِينًا، إِذَا قُلْتَ آمِينَ([42]). وَيُعَبَّرُ غَالِبًا بِالتَّأْمِينِ بَدَلاً مِنْ عِبَارَةِ: قَوْلِ آمِينَ، لِسُهُولَةِ اللَّفْظِ. وَلَمْ يُعْتَبَرْ التَّأْمِينُ عُنْوَانًا لِلْبَحْثِ؛ لِئَلاَّ يُشْتَبَهَ بِالتَّأْمِينِ التِّجَارِيِّ.
وَنَقَلَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ لُغَاتٍ عَدِيدَةً، نَكْتَفِي مِنْهَا بِأَرْبَعٍ: الْمَدِّ، وَالْقَصْرِ، وَالْمَدِّ مَعَ الإِْمَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَدِّ مَعَ التَّشْدِيدِ. وَالأَْخِيرَتَانِ حَكَاهُمَا الْوَاحِدِيُّ وَزَيَّفَ الأَْخِيرَةَ مِنْهُمَا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهَا مُنْكَرَةٌ. وَحَكَى ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ الْقَصْرَ مَعَ التَّشْدِيدِ. وَهِيَ شَاذَّةٌ أَيْضًا.
وَكُلُّهَا إِلاَّ الرَّابِعَةَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ. وَمَعْنَى آمِّينَ (بِالْمَدِّ مَعَ التَّشْدِيدِ) قَاصِدِينَ إِلَيْكَ. «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ عَنْ مَعْنَى آمِينَ، فَقَالَ: افْعَلْ». وَقَالَ قَتَادَةُ: كَذَلِكَ يَكُونُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «آمِينَ خَاتَمُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ»([43]). وَقَالَ عَطَاءٌ: آمِينَ
دُعَاءٌ. وَإِنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَا حَسَدَكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدُوكُمْ عَلَى آمِينَ وَتَسْلِيمِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ»([44]). قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ لَمْ تَكُنْ لِمَنْ قَبْلَنَا، خَصَّنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا([45]).
حَقِيقَةُ التَّأْمِينِ:
2 – التَّأْمِينُ دُعَاءٌ؛ لأَِنَّ الْمُؤَمِّنَ يَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَجِيبَ الدُّعَاءَ([46]).
صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ):
3 – الأَْصْلُ فِي قَوْلِ آمِينَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، لَكِنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَنِ النَّدْبِ إِلَى غَيْرِهِ، كَالتَّأْمِينِ عَلَى دُعَاءٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حَرَامًا([47]).
نَفْيُ الْقُرْآنِيَّةِ عَنْ «آمِينَ»:
4 – لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ «آمِينَ» لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، لَكِنَّهَا مَأْثُورَةٌ عَنِ النَّبِيِّ . وَقَدْ وَاظَبَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ بِهَا فِي الصَّلاَةِ وَخَارِجَهَا، كَمَا يُعْرَفُ مِنَ الأَْحَادِيثِ الَّتِي سَتَرِدُ فِي خِلاَلِ الْبَحْثِ([48]).
مَوَاطِنُ التَّأْمِينِ:
5 – التَّأْمِينُ دُعَاءٌ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ بَلْ مُرْتَبِطٌ بِغَيْرِهِ مِنَ الأَْدْعِيَةِ، لِذَلِكَ يَحْسُنُ بَيَانُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤَمَّنُ عَلَى الدُّعَاءِ فِيهَا، فَمِنْ أَهَمِّهَا:
أ – التَّأْمِينُ فِي الصَّلاَةِ: التَّأْمِينُ عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَعَلَى الدُّعَاءِ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ وَالنَّازِلَةِ.
ب – وَالتَّأْمِينُ خَارِجَ الصَّلاَةِ: عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَالتَّأْمِينُ عَلَى الدُّعَاءِ فِي الْخُطْبَةِ، وَفِي الاِسْتِسْقَاءِ.
أَوَّلاً: التَّأْمِينُ فِي الصَّلاَةِ
التَّأْمِينُ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ:
5 م – التَّأْمِينُ لِلْمُنْفَرِدِ سُنَّةٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الصَّلاَةُ سِرِّيَّةً أَمْ جَهْرِيَّةً. وَمِثْلُهُ الإِْمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي السِّرِّيَّةِ، وَالْمُقْتَدِي فِي صَلاَةِ الْجَهْرِ.
أَمَّا الإِْمَامُ فِي الصَّلاَةِ الْجَهْرِيَّةِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:
أَوَّلاً – نَدْبُ التَّأْمِينِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، عَدَا رِوَايَةَ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي
حَنِيفَةَ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ([49]) لِحَدِيثِ: «إِذَا أَمَّنَ الإِْمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([50]).
ثَانِيًا – عَدَمُ النَّدْبِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَدَلِيلُ عَدَمِ اسْتِحْسَانِهِ مِنَ الإِْمَامِ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِذَا قَالَ الإِْمَامُ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ»([51]). وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَقُولُهُ؛ لأَِنَّهُ قَسَمَ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ، وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ([52]).
ثَالِثًا – وُجُوبُ التَّأْمِينِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: آمِينَ أَمْرٌ مِنَ النَّبِيِّ ([53]).
ارْتِبَاطُ التَّأْمِينِ بِالسَّمَاعِ:
6 – اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ التَّأْمِينُ عِنْدَ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الإِْمَامِ، أَمَّا إِنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ التَّأْمِينَ مِنْ مُقْتَدٍ آخَرَ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ رَأْيَانِ:
الأَْوَّلُ: نَدْبُ التَّأْمِينِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَقَوْلٌ مُضَعَّفٌ لِلشَّافِعِيَّةِ.
الثَّانِي: لاَ يُطْلَبُ التَّأْمِينُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَوْلُ الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَى نَصٍّ لِلْحَنَابِلَةِ فِي هَذَا([54]).
تَحَرِّي الاِسْتِمَاعِ:
7 – لاَ يَتَحَرَّى الْمُقْتَدِي عَلَى الأَْظْهَرِ الاِسْتِمَاعَ لِلإِْمَامِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ: يَتَحَرَّى، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ([55]).
الإِْسْرَارُ بِالتَّأْمِينِ وَالْجَهْرُ بِهِ:
8 – لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ فِي أَنَّ الصَّلاَةَ إِنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً فَالإِْسْرَارُ بِالتَّأْمِينِ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ([56]).
وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الإِْسْرَارِ بِهِ وَعَدَمِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ مَذَاهِبَ:
الأَْوَّلُ: نَدْبُ الإِْسْرَارِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مُقَابِلُ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اسْتَحَبُّوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ فَقَطْ، وَالْحَنَفِيَّةُ وَمَعَهُمُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتَحَبُّوهُ لِلْجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُ دُعَاءٌ وَالأَْصْلُ فِيهِ الإِْخْفَاءُ([57]). لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: , ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً-([58]) وَلِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ : أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الإِْمَامُ، وَذَكَرَ مِنْهَا آمِينَ([59]).
وَمُقَابِلُ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَخْصِيصُ الإِْسْرَارِ بِالْمَأْمُومِ فَقَطْ إِنْ أَمَّنَ الإِْمَامُ، كَسَائِرِ الأَْذْكَارِ، وَقِيلَ: يُسِرُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنْ قَلَّ الْجَمْعُ([60]).
الثَّانِي: نَدْبُ الْجَهْرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ عَمَّمُوا النَّدْبَ فِي كُلِّ مُصَلٍّ.
وَوَافَقَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ اتِّفَاقًا بِالنِّسْبَةِ لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ. وَأَمَّا فِي الْمَأْمُومِ فَقَدْ وَافَقُوهُمْ أَيْضًا بِشَرْطِ عَدَمِ تَأْمِينِ الإِْمَامِ. فَإِنْ أَمَّنَ فَالأَْظْهَرُ نَدْبُ الْجَهْرِ كَذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجْهَرُ فِي حَالَةِ تَأْمِينِ الإِْمَامِ بِشَرْطِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ. فَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ فَلاَ يُنْدَبُ الْجَهْرُ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِنَدْبِ الْجَهْرِ بِأَنَّهُ قَالَ: «آمِينَ» وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ([61]).
الثَّالِثُ: التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْسْرَارِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ بُكَيْرٍ خَصَّهُ بِالإِْمَامِ فَقَطْ، وَخَيَّرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَمِيعَ، وَصَحَّحَ فِي كِتَابِهِ «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» الْجَهْرَ([62]).
وَلَوْ أَسَرَّ بِهِ الإِْمَامُ جَهَرَ بِهِ الْمَأْمُومُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ جَهْرَ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ سُنَّةٌ، فَلاَ يَسْقُطُ بِتَرْكِ الإِْمَامِ لَهُ، وَلأَِنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَهُ الإِْمَامُ، فَيَجْهَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ لِيُذَكِّرَهُ([63]).
الْمُقَارَنَةُ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي التَّأْمِينِ:
9 – مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ مُقَارَنَةَ تَأْمِينِ الإِْمَامِ لِتَأْمِينِ الْمَأْمُومِ سُنَّةٌ، لِخَبَرِ «إِذَا أَمَّنَ الإِْمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَخَبَرِ «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ([64]).
وَمُقَابِلُ الأَْصَحِّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يُؤَمِّنُ بَعْدَ تَأْمِينِ الإِْمَامِ([65]).
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا مَا يُفِيدُ مُقَارَنَةَ التَّأْمِينِ لِتَأْمِينِ الْمَلاَئِكَةِ، مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ..» إِلَخْ. وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا قَالَ الإِْمَامُ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([66]).
فَإِنْ فَاتَتْهُ مُقَارَنَةُ تَأْمِينِهِ لِتَأْمِينِ إِمَامِهِ أَتَى بِهِ عَقِبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُومُ بِتَأْمِينِ إِمَامِهِ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمَنْدُوبِ أَمَّنَ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ، كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ مَعَهُ وَفَرَغَا مَعًا كَفَى تَأْمِينٌ وَاحِدٌ، أَوْ فَرَغَ قَبْلَهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَنْتَظِرُهُ، وَالْمُخْتَارُ أَوِ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يُؤَمِّنُ لِلْمُتَابَعَةِ([67]).
الْفَصْلُ بَيْنَ «آمِينَ» وَبَيْنَ , وَلاَ الضَّالِّينَ–:
10 – الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى نَدْبِ السُّكُوتِ لَحْظَةً لَطِيفَةً بَيْنَ , وَلاَ الضَّالِّينَ- وَبَيْنَ «آمِينَ» لِيُعْلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَعَلَى أَلاَّ يَتَخَلَّلَ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ لَفْظٌ. نَعَمْ، يَسْتَثْنِي الشَّافِعِيَّةُ «رَبِّ اغْفِرْ لِي» قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ «وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ» لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا([68]).
وَلَمْ أَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ النُّقْطَةِ، فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ.
تَكْرَارُ آمِينَ وَالزِّيَادَةُ بَعْدَهَا:
11 – يَحْسُنُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلُ «آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ»، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الذِّكْرِ. وَلاَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَحْمَدَ، لَكِنْ لاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ، وَلاَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَنْهَا([69]). وَلَمْ نَجِدْ لِغَيْرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ نَصًّا فِي التَّكْرَارِ.
وَذَكَرَ الْكُرْدِيُّ عَنِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يُنْدَبُ تَكْرَارُ «آمِينَ» فِي الصَّلاَةِ، مُسْتَدِلًّا بِمَا رَوَاهُ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ الصَّلاَةَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، قَالَ: آمِينَ، ثَلاَثًا» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَكْرَارُ «آمِينَ» ثَلاَثًا، حَتَّى فِي الصَّلاَةِ([70]).
تَرْكُ التَّأْمِينِ
12 – الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ تَرَكَ «آمِينَ» وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهَا لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، وَلاَ سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا([71]).
عَدَمُ انْقِطَاعِ الْقِرَاءَةِ بِالتَّأْمِينِ عَلَى قِرَاءَةِ الإِْمَامِ:
13 – إِذَا فَرَغَ الإِْمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَثْنَاءَ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ، قَالَ الْمَأْمُومُ: «آمِينَ» ثُمَّ يُتِمُّ قِرَاءَتَهُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَلاَ قِرَاءَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ([72]).
التَّأْمِينُ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ خَارِجَ الصَّلاَةِ:
14 – التَّأْمِينُ عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ؛ لِقَوْلِهِ «لَقَّنَنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ فَرَاغِي مِنَ الْفَاتِحَةِ: آمِينَ»([73]).
التَّأْمِينُ عَلَى الْقُنُوتِ:
15 – الْقُنُوتُ قَدْ يَكُونُ فِي النَّازِلَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا. وَلِلْفُقَهَاءِ فِي التَّأْمِينِ عَلَى قُنُوتِ غَيْرِ النَّازِلَةِ ثَلاَثَةُ اتِّجَاهَاتٍ:
الأَْوَّلُ: التَّأْمِينُ جَهْرًا، إِنْ سَمِعَ الإِْمَامَ، وَإِلاَّ قَنَتَ لِنَفْسِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْقُنُوتِ وَفِي الدُّعَاءِ بَعْدَهُ([74]). وَمِنْهُ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ. وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ لِغَيْرِهِمْ لِدُخُولِهِ فِي الشُّمُولِ.
الثَّانِي: تَرْكُ التَّأْمِينِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ([75]).
الثَّالِثُ: التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّأْمِينِ وَتَرْكِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيَّةِ([76]).
وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ وَقُنُوتِ غَيْرِهَا، عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَلاَ تَأْمِينَ فِي النَّازِلَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لإِِسْرَارِهِمْ بِالْقُنُوتِ فِيهَا. فَإِنْ جَهَرَ الإِْمَامُ أَمَّنَ الْمَأْمُومُ. قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يُتَابِعُ إِمَامَهُ إِلاَّ إِذَا جَهَرَ فَيُؤَمِّنُ.
وَلاَ قُنُوتَ فِي النَّازِلَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ([77]).
وَلَوِ اقْتَدَى الْمَأْمُومُ بِمَنْ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ أَجَازَ لَهُ الْحَنَابِلَةُ التَّأْمِينَ. وَمَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ([78]).
وَيَسْكُتُ مَنْ صَلَّى وَرَاءَ مَنْ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ([79]). وَيُرَاعِي الْمَأْمُومُ الْمُقْتَدِي بِمَنْ لاَ يَقْنُتُ حَالَ نَفْسِهِ، عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، بِشَرْطِ عَدَمِ الإِْخْلاَلِ بِالْمُتَابَعَةِ([80]).
ثَانِيًا: التَّأْمِينُ خَارِجَ الصَّلاَةِ
التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْخَطِيبِ:
16 – يُسَنُّ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْخَطِيبِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ سِرًّا، وَبِلاَ رَفْعِ صَوْتٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَلاَ تَأْمِينَ بِاللِّسَانِ جَهْرًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بَلْ يُؤَمِّنُ فِي نَفْسِهِ([81]).
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ مَا يَقَعُ عَلَى دَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ بَعْدَ قَوْلِ الإِْمَامِ: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِْجَابَةِ» مِنْ رَفْعِ أَصْوَاتِ جَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِمْ: «آمِينَ. آمِينَ. آمِينَ» وَاعْتَبَرُوهُ بِدْعَةً مُحَرَّمَةً([82]).
التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الاِسْتِسْقَاءِ:
17 – اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، التَّأْمِينَ عَلَى دُعَاءِ الاِسْتِسْقَاءِ عِنْدَ جَهْرِ الإِْمَامِ بِهِ. وَلاَ يُخَالِفُ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ.
وَالْقَوْلُ الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَدْعُوَ الإِْمَامُ وَالْمَأْمُومُونَ. وَقِيلَ بَعْدَ دُعَائِهِمْ مَعًا: يَسْتَقْبِلُهُمُ الإِْمَامُ، فَيَدْعُو وَيُؤَمِّنُونَ([83]).
التَّأْمِينُ عَلَى الدُّعَاءِ دُبُرَ الصَّلاَةِ.
18 – لَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ بِالتَّأْمِينِ عَلَى دُعَاءِ الإِْمَامِ بَعْدَ الصَّلاَةِ إِلاَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِجَوَازِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَنْكَرَ الْخِلاَفَ فِي كَرَاهِيَتِهِ. وَفِي جَوَابِ الْفَقِيهِ الْعَلاَّمَةِ أَبِي مَهْدِيٍّ الْغُبْرِينِيُّ مَا نَصُّهُ: «وَنُقَرِّرُ أَوَّلاً أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْمِلَّةِ نَهْيٌ عَنِ الدُّعَاءِ دُبُرَ الصَّلاَةِ، عَلَى مَا
جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْيَوْمَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ، بَلْ جَاءَ التَّرْغِيبُ فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ.» فَذَكَرَ أَدِلَّةً كَثِيرَةً ثُمَّ قَالَ: «فَتَحَصَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْمَجْمُوعِ أَنَّ عَمَلَ الأَْئِمَّةِ مُنْذُ الأَْزْمِنَةِ الْمُتَقَادِمَةِ مُسْتَمِرٌّ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، وَهُيَ مَسَاجِدُ الْجَوَامِعِ، وَفِي مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ، وَهِيَ مَسَاجِدُ الأَْرْبَاضِ وَالرَّوَابِطِ، عَلَى الْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَوَاتِ، عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُتَعَارَفَةِ الآْنَ، مِنْ تَشْرِيكِ الْحَاضِرِينَ، وَتَأْمِينِ السَّامِعِينَ، وَبَسْطِ الأَْيْدِي وَمَدِّهَا عِنْدَ السُّؤَالِ وَالتَّضَرُّعِ وَالاِبْتِهَالِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ.»
وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لِمَا يَقَعُ فِي نَفْسِ الإِْمَامِ مِنَ التَّعَاظُمِ. وَبَقِيَّةُ الْقَائِلِينَ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ الصَّلاَةِ يُسِرُّونَ بِهِ نَدْبًا، عَلَى تَفْصِيلٍ([84]). (ر: دُعَاءٌ).
([1]) حديث: «إنا لا تحل…» رواه أبو داود عن أبي رافع بلفظ «مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة.» (سنن أبي داود 2 / 165 ـ 166 رقم 1650 ط الثانية التجارية)، ورواه الترمذي باختلاف، وقال: هذا حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 3 / 323، 324 رقم 652 ط السلفية) والنسائي باختلاف أيضا (سنن النسائي بشرح السيوطي، وحاشية السندي 5 / 107 ط العصرية)
([2]) حديث: «الولاء لحمة…» رواه الطبراني في الكبير، عن عبد الله بن أبي أوفى، بلفظ «الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب.» صححه السيوطي. قال الهيثمي: وفيه عبيد بن القاسم، وهو كذاب، ورواه الحاكم في الفرائض، والبيهقي في السنن عن ابن عمر، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي وشنع. (فيض القدير 6 / 377 رقم 9687 ط التجارية)
([3]) العقل هنا أداء الدية. ويطلق على الدية أيضا. (القاموس)
([4]) حاشية ابن عابدين 2 / 68، 69، والميزان للشعراني 2 / 17، والمغني 2 / 519 وحاشية الدسوقي 1 / 494.
([5]) حاشية الدسوقي 1 / 494، والمغني 2 / 519 ـ 520
([7]) حاشية ابن عابدين 2 / 68، وفتح القدير 2 / 24
([8]) ابن عابدين 2 / 61، وفتح القدير 2 / 24، وحاشية الدسوقي 1 / 495، وحاشية الشرقاوي 1 / 392، والمغني 2 / 520 والحديث رواه مسلم (بشرح النووي 7 / 177 ط العصرية).
([13]) البجيرمي على الإقناع 4 / 226
([14]) البجيرمي على الإقناع 4 / 228، والشرح الكبير مع المغني 10 / 549
([18]) حديث: «قولوا: اللهم صل على محمد…» جزء من حديث رواه أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن كعب بن عجرة بلفظ «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد…» الحديث. (فيض القدير 4 / 529)
([19]) الوجيز 1 / 45 ط الآداب والمؤيد.
([20]) الشرح الكبير مع المغني 1 / 583، وابن عابدين 1 / 478، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 1 / 251 ورواية: «إذا قلت هذا…» جزء من حديث رواه أبو داود عن ابن مسعود بلفظ: «إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد» قال الخطابي: قد اختلفوا في هذا الكلام، هل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول ابن مسعود؟ (معالم السن 1 / 229 ط الأولى المكتبة العلمية، حلب). وقال العراقي: إن الحفاظ متفقون على أنها مدرجة. (عون المعبود 1 / 367 نشر دار الكتاب العربي).
([21]) الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 251
([22]) ابن عابدين 1 / 368، والأحكام السلطانية للماوردي ص 4 ط مصطفى الحلبي، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 4 ط مصطفى الحلبي، وشرح الخطيب 4 / 198، ومطالب أولي النهى 1 / 649 ط المكتب الإسلامي.
([23]) مراقي الفلاح 164، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 1 / 343، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 249 ط عيسى الحلبي، ومطالب أولي النهى 1 / 649
([24]) معين الحكام 228 ط الميمنية، والشرح الصغير 4 / 444، ط دار المعارف، والإنصاف 10 / 324 ط الأولى 1374 هـ، والشفاء للقاضي عياض 4 / 571 ط المطبعة الأزهرية.
([25]) معين الحكام 229، والشفاء للقاضي عياض 4 / 571
([26]) اللسان، والتاج (أول)، والمرجع في اللغة، وحاشية ابن عابدين 2 / 9 ط الأولى، وكشاف اصطلاحات الفنون.
([28]) ابن عابدين 5 / 250 وجواهر الإكليل 2 / 3 نشر عباس عبد السلام شقرون، والقليوبي على شرح المنهاج 2 / 156
([29]) القليوبي على شرح المنهاج 2 / 156
([30]) ابن عابدين 3 / 198 و5 / 34، والدسوقي 4 / 18، 336 ط عيسى الحلبي، والبجيرمي على شرح الإقناع 3 / 8 و4 / 171، والمغني 4 / 322، والقليوبي على شرح المنهاج 2 / 158 و3 / 33 و4 / 187
([31]) بداية المجتهد 1 / 462، 470 ط مكتبة الكليات الأزهرية، وحاشية ابن عابدين 5 / 187، والشرح الصغير 2 / 178 ط دار المعارف، والبجيرمي على المنهج 4 / 290 ط مصطفى الحلبي سنة 1369 هـ، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي 4 / 244، ومطالب أولي النهى 6 / 344 ـ 350
([32]) حاشية ابن عابدين 3 / 322، 311 وبداية المجتهد 1 / 396 مطبعة الكليات الأزهرية، والمغني 10 / 502 ـ 504 ط الأولى.
([33]) بداية المجتهد 2 / 440، وحاشية ابن عابدين 5 / 346، والمغني 9 / 390، 412 ط الأولى.
([34]) ابن عابدين 3 / 146، والدسوقي 4 / 355، وتحفة المحتاج على المنهاج 9 / 118 بالمطبعة الميرية بمكة، 1304 هـ، ومنتهى الإرادات 2 / 457، 478 نشر حاكم قطر.
([35]) حاشية ابن عابدين 2 / 9، وجواهر الإكليل 1 / 133
([37]) المجموع للنووي 6 / 193 ط المنيرية، ونهاية المحتاج 6 / 159 ط مصطفى الحلبي، والإنصاف للمرداوي 3 / 238 ط أنصار السنة، ومطالب أولي النهى 2 / 136 نشر حاكم قطر.
([38]) المغني 9 / 321 ـ 333 ط الأولى، وبداية المجتهد 2 / 431 مكتبة الكليات الأزهرية.
([40]) البدائع 10 / 4759، مطبعة الإمام، والخرشي 5 / 258 المطبعة العامرة، ونهاية المحتاج 7 / 305 ط الحلبي 1357 هـ، ودليل الطالب 263 ـ 264 ط المكتب الإسلامي بدمشق.
([42]) تهذيب النووي، والمصباح المنير (أمن)
([43]) رواه ابن عدي، والطبراني في الدعاء، والديلمي، وابن مردويه عن أبي هريرة، ولفظه: (آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين) وإسناده ضعيف (فيض القدير 1 / 59،
=
= 60 ط الأولى التجارية) وقول ابن عباس «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى آمين فقال: افعل» قال السيوطي في الدر المنثور (1 / 17 ط طهران): أخرجه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
([44]) حديث: «ما حسدكم…» رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه عن عائشة بلفظ: (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين) حديث صحيح (فيض القدير 5 / 440)
([45]) تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2 / 1 / 12 ط المنيرية، وشرح الروض 1 / 154 ط الميمنية.
([46]) الفروع 1 / 341 ط المنار الأولى، وتفسير الطبري 12 / 110، وتفسير الفخر الرازي 17 / 152 المطبعة البهية.
([47]) ابن عابدين 1 / 331 ط بولاق، والبحر الرائق 1 / 331، وكشاف القناع 1 / 312 مطبعة أنصار السنة، ومطالب أولي النهى 1 / 431 ط المكتب الإسلامي، وعمدة القاري 6 / 48 ط المنيرية.
([49]) الفتاوى الهندية 1 / 74 ط بولاق، وابن عابدين 1 / 282، والخرشي 1 / 282 ط الشرفية، والرهوني 1 / 416 ط بولاق، وأحكام القرآن لابن العربي ونسبه لابن حبيب 1 / 7 ط عيسى الحلبي، وشرح الروض 1 / 154، والمغني والشرح الكبير 1 / 528 ط المنار.
([50]) حديث: «إذا أمن…» رواه مالك، وأحمد، والشيخان عن أبي هريرة (فيض القدير 1 / 303)
([51]) حديث: «إذا قال…» رواه مالك، والبخاري، وأبو داود، والنسائي عن أبي هريرة، وفي آخره زيادة: «ما تقدم من ذنبه» (الفتح الكبير 1 / 136)
([52]) الرهوني 1 / 416، ونسبه ابن العربي إلى مالك. (أحكام القرآن 1 / 7)
([53]) الإنصاف 2 / 120 ط حامد الفقي.
([54]) الهندية 1 / 74، وابن عابدين 1 / 331، والعدوي على الخرشي 1 / 282، والجمل على المنهج 1 / 355 ط الميمنية، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 248 ط عيسى الحلبي، والعدوي على الخرشي 1 / 282، والشرواني على التحفة مع حاشية العبادي 2 / 51 ط الميمنية، والجمل على المنهج 1 / 355، والمغني والشرح 1 / 528
([55]) الشرح الكبير للدردير 1 / 248، ونسبه صاحب عمدة البيان في معرفة فروض الأعيان (ص 79 ط مصطفى الحلبي) إلى ابن عبدوس، والحواشي المدنية 1 / 166 ط الحلبي.
([56]) الفتاوى الهندية 1 / 74، وابن عابدين 1 / 331، والبحر الرائق 1 / 331 المطبعة العلمية، والخرشي 1 / 282، والدسوقي 1 / 248، وشرح الروض 1 / 154، والمغني مع الشرح 1 / 531
([57]) الفتاوى الهندية 1 / 74، 107، والرهوني 1 / 416، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 7
([59]) الهداية 1 / 48 ط الحلبي.
([60]) مغني المحتاج 1 / 161 ط مصطفى الحلبي، والروضة 1 / 247 ط المكتب الإسلامي.
([61]) الفروع 1 / 308، ومطالب أولي النهى 1 / 432، وكشاف القناع 1 / 312 وما بعدها، والكافي 1 / 169، ومغني المحتاج 1 / 161، والروضة 1 / 247. وحديث: قال: «آمين» ورفع بها صوته رواه الترمذي، وأبو داود، والدارقطني، وابن حبان. وسنده صحيح، وصححه الدارقطني (تلخيص الحبير 1 / 236)
([62]) الرهوني 1 / 416، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 7
([63]) الروضة 1 / 247، ومغني المحتاج 1 / 161، ومطالب أولي النهى 1 / 432
([64]) شرح الروض 1 / 154، ومغني المحتاج 1 / 161، والشرواني على التحفة 2 / 51، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 529، وتصحيح الفروع 1 / 307، وحديث: إذا أمن الإمام… رواه،
=
= مالك وأحمد والشيخان وأصحاب السنن عن أبي هريرة (الفتح الكبير1 / 88) وحديث: «إذا قال أحدكم…» رواه مالك، والشيخان والنسائي عن أبي هريرة بنحوه (الفتح الكبير 1 / 136)
([65]) تصحيح الفروع 1 / 307
([66]) الهداية 1 / 48، والبحر الرائق 1 / 331، وابن عابدين 1 / 331، والخرشي 1 / 282، ومسالك الدلالة في شرح متن الرسالة ص 41 ولعلهم سكتوا عن ذلك؛ لأن المقارنة لا تظهر في الغالب نظرا للإسرار بالتأمين عندهم. والحديثان سبق تخريجهما. (انظر ف 8)
([67]) الشرواني على التحفة 2 / 51
([68]) الجمل على المنهج 1 / 354، والحواشي المدنية 1 / 166، وكشاف القناع 1 / 312
([69]) مغني المحتاج 1 / 161، ومطالب أولي النهى 1 / 561، والمغني والشرح 1 / 571
([70]) الحواشي المدنية 1 / 166، والشبراملسي على النهاية 1 / 469 ط مصطفى الحلبي. وحديث وائل بن حجر سبق تخريجه.
([71]) شرح الروض 1 / 154، والشرواني على التحفة 2 / 50، والمغني مع الشرح 1 / 530، والفروع 1 / 307، ومطالب أولي النهى 1 / 504، والإنصاف 2 / 121، والبحر الرائق 2 / 106 وابن عابدين 1 / 325، والدسوقي 1 / 592، ومقدمات ابن رشد 1 / 117 مطبعة السعادة.
([72]) فتح الجواد 1 / 90 ط الحلبي، والمغني والشرح 1 / 528، والبحر الرائق 1 / 364، والهداية 1 / 55، وبلغة السالك 1 / 113 ط الحلبي، والعدوي على الخرشي 1 / 269، والدسوقي 1 / 237
([73]) الطحطاوي على المراقي 142 المطبعة العامرة العثمانية بمصر، والتسهيل لعلوم التنزيل 1 / 34 ط التجارية، والزرقاني على الموطأ 1 / 182 ط التجارية، والبهجة الوردية 1 / 325 ط الميمنية، وزاد المسير 1 / 16 ط المكتب الإسلامي، وتفسير البيضاوي 1 / 41 ط التجارية. وحديث: «لقنني جبريل…» أخرجه ابن أبي شيبة، ووكيع عن أبي ميسرة بمعناه (الدر المنثور 1 / 16)
([74]) الفتاوى الهندية 1 / 111، والطحطاوي على مراقي الفلاح 209، والحواشي المدنية 1 / 170، والغرر البهية شرح البهجة الوردية 1 / 331، والبجيرمي على الخطيب 2 / 58، والشرواني على التحفة 2 / 67، وشرح الروض 1 / 159، والجمل على المنهج 1 / 373، والإنصاف 2 / 172، والمغني والشرح الكبير 1 / 790، ومطالب أولي النهى 1 / 558، وكشاف القناع 1 / 338، والعدوي على الخرشي 1 / 284
([75]) العدوي على الخرشي 1 / 284، والطحطاوي على المراقي 209، والإنصاف 2 / 171، ومغني المحتاج 1 / 168
([76]) مغني المحتاج 1 / 168، والفتاوى الخانية 1 / 106
([77]) الشرواني على التحفة 2 / 68، 69، ومطالب أولي النهى 1 / 558. والفتاوى الهندية 1 / 111، وابن عابدين 1 / 451، وجواهر الإكليل 1 / 51، والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر، كالطاعون (ابن عابدين 1 / 451 عن الصحاح).
([78]) مطالب أولي النهى 1 / 562، والحطاب 1 / 539 ط النجاح، والعدوي على خليل 1 / 284، وانظر الفقرة السابقة.
([79]) الهندية 1 / 111، والهداية 1 / 66
([81]) الشرح الصغير 1 / 509، ومطالب أولي النهى 1 / 790، والفروع 1 / 568، وإعانة الطالبين 2 / 87 ط الحلبي، وابن عابدين 1 / 550
([82]) الشرح الصغير 1 / 510 ط دار المعارف.
([83]) شرح الروض 1 / 292، ومطالب أولي النهى 1 / 819، والشرح الكبير والمغني 2 / 295، والطحطاوي على المراقي 201، والخرشي 2 / 15، وكفاية الطالب الرباني وحاشية الصعيدي عليه 1 / 311 ط مصطفى الحلبي.
([84]) الرهوني 1 / 411، والفروق 4 / 300 ط دار المعرفة بلبنان، والروضة 1 / 268، والآداب الشرعية 2 / 284 ط المنار.